للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب الله الحميد، ظهراً وبطناً، وتفسيراً وتأويلا، بل لكل واحدة منها - كما يظهر من الأخبار المستفيضة - سبعة بطون وسبعون بطناً، وقد دلَّت أحاديث متكاثرة، كادت أن تكون متواترة، على أن بطونها وتأويلها، بل كثيراً من تنزيلها وتفسيرها، فى فضل شأن السادة الأطهار، وإظهار جلالة حال القادة الأخيار، أعنى النبى المختار، وآلة الأئمة الأبرار، عليهم صلوات الله الملك الغفَّار. بل الحق المتين، والصدق المبين، كما لا يخفى على البصير الخبير بأسرار كلام العليم القديم، المرتوى من عيون علوم أمناء الحكيم الكبير، أن أكثر آيات الفضل والإنعام، والمدح والإكرام، بل كلها فيهم وفى أوليائهم نزلت، وأن جُلَّ فقرات التوبيخ والتشنيع، والتهديد والتفضيح، بل جملتها فى مخالفيهم وأعدائهم وردت.

بل التحقيق الحقيق - كما سيظهر عن قريب - أن تمام القرآن إنما أُنزل للإرشاد إليهم، والإعلام بهم، وبيان العلوم والأحكام لهم، والأمر بإطاعتهم وترك مخالفتهم، وأن الله عَزَّ وجَلَّ جعل جملة بطن القرآن فى دعوة الإمامة والولاية، كما جعل جُلّ ظهره فى دعوة التوحيد والنبوة والرسالة".

وهذه الدعاوى من المولى الكازرانى لا نكاد نُسلِّمها له، إذ أنها لا تقوم على دليل صحيح، وما ادّعاه من دلالة الأخبار المستفيضة والأحاديث المتكاثرة على ما ذهب إليه، أمر لا يُلتفَت إليه ولا يُعوَّل عليه، لأن ما يعنيه من الأخبار والأحاديث لا يعدو أن يكون موضوعاً لا أصل له. ومن هذا يتضح لنا أن هذا الشيعى مبالغ فى تشيعه إلى حد جعله يُحَمِّل كتاب الله تعالى ما لا يحتمله، ويجعله موزعاً بين دعوة الحق ودعوة الباطل، تلك بظاهرالقرآن وهذه بباطنه!!

ثم ذكر المؤلف بعد ذلك ما كان من تسامح مفسِّرى الشيعة الذين سبقوه، وسكوتهم عن ذكر ما ثبت عن الأئمة فى تفاسيرهم، وبيَّن عذرهم فى ذلك.

ثم ذكر أنه كان يجيش بصدره، ويدور بخاطره وخلده، أن يجمع ما تفرَّق من الأخبار المأثورة عن آل البيت ويشرح مضامينها، ثم يُلحق نصوص كل آية بسورتها، وذلك كله فى كتاب مستقل، ولكن حال بينه وبين ما تطمح إليه نفسه - حقبة من الزمن - تفرُّق باله، وتشتُّت حاله، وكثرة أشغاله، ثم ظفر بعد ذلك بجملة من الآثار التى كان حريصاً على جمعها، فرأى أن الذى تطمح إليه نفسه لا يصح التغافل والتسامح فيه، فاستخار الله واستعان بحَوْله وقوته على تحقيق مرامه، فشرع فى جمع الروايات وتحريرها، وتفسير الآيات وتقريرها.

ثم بيّن لنا هدفه الذى يرمى إليه من وراء هذا التفسير، وهو أنه أراد أن يُفسِّر آيات القرآن ويقرر معانيها على وجه منيف، وبيان لطيف، وطور رشيق، وطرز أنيق، بطريق

<<  <  ج: ص:  >  >>