للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكى قولاً، أو قراءة، أو حديثاً، أو قصة، أو أثراً لسَلَف. وأما نفس تفاسير الآى، والرد على بعض المفسِّرين، والجواب، فمن عنده إلا ما نسبه لقائله. كما يَدَّعى أنه كان ينظر بفكره فى الآية أولاً، ثم تارة يوافق نظر جار الله الزمخشرى، والقاضى البيضاوى - وهو الغالب - وتارة يخالفهما، ويوافق وجهاً أحسن مما أثبتناه أو مثله.

ومهما يكن من شىء فلا يسعنا إلا أن نقول: إن الرجل - وقد قرأ الكثير من كتب التفسير - تأثر بما جاء فيها، واستفاد الكثير من معانيها مما يدعونا إلى القول بأن تفسيره يمثل التفسير المذهبى للخوارج الإباضية فى أواخر عصورهم فقط، وبعد أن خرجوا من عزلتهم التى مكثوا فيها مدة طويلة من الزمن.

نقرأ فى هذا التفسير فنجد أن صاحبه يذكر فى أول كل سورة عدد آياتها، والمكى منها والمدنى، ثم يذكر فضائل السورة، مستشهداً لذلك فى الغالب بالأحاديث الموضوعة فى فضائل السور، ثم يذكر فوائد السورة بما يشبه كلام المشعوذين الدجَّالين، ثم بعد ذلك كله يشرح الآيات شرحاً وافياً، فيُسهب فى المسائل النحوية، واللُّغوية، والبلاغية، ويفيض فى مسائل الفقه، والخلاف بين الفقهاء كما يتعرض لمسائل علم الكلام ويفيض فيها، مع تأثر كبير بمذهب المعتزلة، كما لا يفوته أن يعرض للأبحاث الأصولية والقراءات، وهو مكثر إلى حد كبير من ذكر الإسرائيليات التى [لا] (*) يؤيدها الشرع، ولا يصدقها العقل، كما يطيل فى ذكر تفاصيل الغزوات التى كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم هو بعد ذلك لا يكاد يمر بآية يمكن أن يجعلها فى جانبه إلا مال بها إلى مذهبه، وجعلها دليلاً عليه، ولا بآية تصارحه بالمخالفة إلا تلَّمس لها كل ما فى طاقته من تأويل، ليتخلص من معارضتها.. وقد يكون تأويلاً متكلفاً، وفاسداً، لا ينجيه من معارضة الآية له، لكنه التعصب الأعمى ... يدفع الإنسان إلى أن ينسى عقله، ويطرح تفكيره الصائب، ليمشى مع الهوى بعقل فارغ وتفكير خاطىء!!.. وإليك بعض ما جاء فى هذا التفسير، لتقف على مسلك صاحبه فى فهمه لآيات القرآن الكريم:

[حقيقة الإيمان]

فمثلاً عند تفسيره لقوله تعالى فى الآيتين [٢-٣] من سورة البقرة: {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الذين يُؤْمِنُونَ بالغيب وَيُقِيمُونَ الصلاة وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} . نراه يقرر: "أن الإيمان يُطلق على مجموع الاعتقاد، والإقرار، والعمل"، ثم يقول: "فمَن أخلَّ بالاعتقاد وحده، أو به وبالعمل، فهو مشرك من حيث الإنكار، منافق أيضاً من حيث أنه أظهر ما ليس فى قلبه، ومَن أخلَّ بالإقرار وحده، أو بالإقرار والعمل، فهو مشرك عند جمهورنا وجمهور قومنا. وقال القليل: إنه إذا أخلَّ بالإقرار وحده، مسلم عند الله من أهل الجنة، وإن أخلَّ به وبالعمل ففاسق كافر كفر نعمة، وإن أخلَّ بالعمل فقط،


(*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: ما بين المعكوفين ليس في المطبوع

<<  <  ج: ص:  >  >>