للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمنافق عندنا، فاسق ضال، كافر كفراً دون شرك غير مؤمن الإيمان التام".. ثم قال: "واختلف الخوارج.. وهم الذين خرجوا عن ضلالة علىّ، فقالت الإباضية الوهبية، وسائر الإباضية فيمن أخلَّ بواحد من الثلاثة: ما تقدم من إشراكه بترك الاعتقاد، أو بترك الإقرار، وينافق بترك العمل. ويثبتون الصغيرة. وقال الباقون كذلك وإنه لا صغيرة. ومذهب المحدثين أن انضمام العمل والإقرار إلى الاعتقاد على التكميل لا على أنه ركن. ونحن نقول: انضمامها إليه ركن، وهما جزء ماهيته".

ومثلاً عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [٢٥] من سورة البقرة: {وَبَشِّرِ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار} ... الآية، نراه يحاول محاولة جدية فى تحقيق أن العمل جزء من الإيمان، ولا يتحقق الإيمان بدونه. فيقول: "ترى الإنسان يفيد كلامه مرة واحدة بقيد، فيحمل سائر كلامه المطلق على هذا التقييد، فكيف يسوغ لقومنا أن يلغوا تقييد الله - عَزَّ وجَلَّ - الإيمان بالعمل الصالح مع أنه لا يكاد يذكر الفعل من الإيمان إلا مقروناً بالعمل الصالح؟ بل الإيمان نفسه مفروض لعبادة مَن يجب الإيمان به وهو الله تعالى، إذ لا يخدم الإنسان مثلاً سلطاناً لا يعتقد بوجوده، وثبوت سُلْطته، فالعمل الصالح كالبناء النافع، المظلل المانع للحر، والبرد والمضرات، والإيمان أُس، ولا ينفع الأُس بلا بناء عليه، ولو بنى الإنسان أُلوفاً من الأُسس ولم يبن عليها لهلك باللصوص، والحر، والبرد، وغير ذلك، فإن ذكر الإيمان مفرداً قيد بالعمل الصالح. وإذا ذكر العمل الصالح، فما هو إلا فرع الإيمان، دليل على أن كلاً منهما غير الآخر، لأن الأصل فى العطف المغايرة بين المتعاطفين، ففى عطف الأعمال الصالحات على الإيمان إيذان بأن البشارة بالجنَّات، وإنما يستحقها مَن جمع بين الأعمال الصالحات والإيمان".

* *

[موقفه من أصحاب الكبائر]

كذلك نجد المؤلف يحاول أن يأخذ من القرآن ما يدل على أن مرتكب الكبيرة مخلَّد فى النار وليس بخارج منها.

فمثلاً عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [٨١] من سورة البقرة: {بلى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خطيائته فأولائك أَصْحَابُ النار هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} .. يقول: {سَيِّئَةً} خصلة قبيحة، وهى الذنب الكبير، سواء أكان نفاقاً أو إشراكاً، ومن الذنوب الكبيرة: الإصرار، فإنه نفسه كبيرة، سواء أكان على الصغيرة أو الكبيرة، والدليل على أن السيئة: الكبيرة قوله: {فأولائك أَصْحَابُ النار} .. ويحتمل وجه آخر وهو أن السيئة: الذنب صغيراً أو كبيراً، ثم يختَص الكلام بالكبيرة بقوله: {وَأَحَاطَتْ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>