للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالت الخوارج:

- «ما فعل هؤلاء هذا إلّا وقد مات الرجل الصالح.» فبرز لهم شوذب، فأكثروا القتل فى أهل الكوفة وولّوا منهزمين والخوارج فى أكنافهم [١] تقتل حتّى بلغوا أخصاص الكوفة وجرح محمّد بن جرير فى استه.

ورجع شوذب إلى موضعه ينتظر صاحبيه. فجاءا فأخبراه بما جرى وبموت عمر. فأقرّ يزيد بن عبد الملك عبد الحميد على الكوفة، ووجّه من قبله تميم بن الحباب [٢] فى [٥٥٢] ألفين، فراسلهم وأخبرهم أنّ يزيد لا يقارّهم على ما فارقهم عليه عمر. فلعنوه، ولعنوا يزيد. ثمّ حاربوه وقتلوه وهزموا أصحابه. فلجأ بعضهم إلى الكوفة ورجع الآخرون إلى يزيد. ووجّه إليهم نجدة بن الحكم الأزدى فى خلق كثير، فقتلوه وهزموا أصحابه. ووجّه إليهم الشحاج [٣] بن وداع فى ألفين من أهل البأس والنجدة، فقتلوه وقتل منهم نفرا منهم هدبة اليشكري ابن عمّ شوذب وكان عابدا، وفيهم أبو شبيل مقاتل بن شيبان، وكان فاضلا فيهم سيّدا.

[دخول مسلمة الكوفة ومقتل شوذب الخارجي]

فلمّا دخل مسلمة الكوفة فى ما روى هشام شكا إليه أهلها مكان شوذب وخوفهم منه، وما قد قتل منهم. فدعا مسلمة سعيد بن عمرو الحرشي وكان فارسا شجاعا، فعقد له على عشرة آلاف، ووجّهه إليه وهو مقيم بموضعه، فأتاه ما لا طاقة له به. فقال شوذب لأصحابه:

- «من كان يريد الله فقد جاءته الشهادة، ومن كان إنّما خرج للدنيا فقد ذهبت الدنيا، وإنّما البقاء فى الدار الآخرة.» [٥٥٣]


[١] . أكنافهم: ما فى الأصل مطموس. وفى الطبري (٩: ١٣٧٦) : أعقابهم. والمثبت من مط.
[٢] . الحباب: ما فى الأصل مهمل. وما فى مط مهمل أيضا إلّا فى الباء الأخيرة. وما ضبطناه يوافق الطبري.
[٣] . الشحّاج: كذا فى الأصل والطبري. وما فى مط وابن الأثير: السحّاج (بالسين المهملة) .

<<  <  ج: ص:  >  >>