للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خراسان، وصرف أخاه أسدا عنها. وكان السّبب فى ذلك أنّ أسدا أخا خالد تعصّب، حتّى أفسد النّاس، وخطب فى يوم جمعة فقال فى خطبته:

- «قبّح الله هذه الوجوه، وجوه أهل الشّقاق والنّفاق والشّغب والفساد.

اللهمّ فرّق بيني وبينهم، وأخرجنى إلى مهاجرى [١] ووطنى.» ثمّ قال:

- «من يروم ما قبلي، أو يترمرم [٢] وامير المؤمنين خالي، وخالد بن عبد الله أخى ومعى اثنا عشر ألف سيف يمان؟» ثم نزل عن منبره. فلمّا صلّى ودخل عليه النّاس وأخذوا مجالسهم [٣٢] أخرج كتابا من تحت فراشه، فقرأه على النّاس، فيه ذكر نصر بن سيّار، وعبد الرّحمن بن نعيم، وسورة بن أبجر، والبختري بن أبى درهم من بنى الحارث بن عبّاد. فدعا بهم، وأنبهم، فأرّم [٣] القوم، وتكلّم سورة بن أبجر، فذكر حاله وطاعته ومناصحته، وأنّه ليس ينبغي له أن يقبل قول عدوّ مبطل، وأن يجمع بينهم وبين من فوقهم بالباطل. فلم يقبل قوله، وأمر بهم فجرّدوا، فضرب عبد الرّحمن بن النّعيم، وكان رجلا بطينا أرسح. فلمّا ضرب التوى وجعل سراويله يزلّ عن موضعه. فقام بعض أهل بيته، فأخذ رداء له هرويّا، وقام مادّا ثوبه بيديه، وهو ينظر إلى أسد يريد أن يأذن له فيؤزره. فأومأ إليه أن افعل. فدنا منه فأزّره وقال:

- «اصبر أبا زهير، فإنّ الأمير وال مؤدّب.»


[١] . إلى مهاجرى: كذا فى الأصل ومط وآ والطبري (٩: ١٤٩٨) ، والضبط فى الطبري:
«مهاجرى» بضمّ الميم. فى حواشي الطبري: من مهاجرى.
[٢] . يترمرم: كذا فى الأصل وآ والطبري. ما فى مط: تبرم. يترمرم: إذا حرّك فاه للكلام ولم يتكلّم. ما أشبهه بقولهم: تزمزم (بالاعجام) . تزمزمت شفتاه بالشيء: تحركتا.
[٣] . فأرّم: كذا فى الأصل وآ: أرّم: حك أضراسه بعضها ببعض من الغيظ. فى مط: فادم.
فى الطبري: «فأزم القوم فلم يتكلم أحد، فتكلم سورة ... » أزم على الشيء: عضّ بالفم كلّه عضّا شديدا.

<<  <  ج: ص:  >  >>