للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستكفائهم أمر من وليهم من العرب.

[طسم وجديس]

وممّن أساء السيرة فاصطلم [١] ، طسم وجديس [٢] ، وكانوا في أيّام ملوك الطوائف. فأما طسم فكان الملك [٩٥] فيهم، وكانوا ساكني اليمامة، وهي إذ ذاك من أخصب البلاد وأعمرها وأكثرها خيرا، لهم فيها صنوف الثمار، ومعجبات الحدائق والقصور الشامخة. وكان ملكهم ظلوما غشوما راكبا هواه. فكان مما لقوا من ظلمه: أنه أمر ألّا تهدى بكر من جديس إلى زوجها حتى تدخل عليه فيفترعها [٣] . فغبر على ذلك دهرا، حتى أنف منهم رجل يقال له: الأسود بن عفار [٤] .

فقال لرؤساء قومه:

- «قد ترون ما نحن فيه من العار والذلّ، الذي ينبغي للكلاب أن تعافه، وتمتعض منه، فأطيعونى، فإنّى أدعوكم إلى عزّ الدهر ونفى الذلّ.» قالوا: «وما ذاك؟» فأخذ عهودهم إلى أن وثق ثم قال:

- «إنّى صانع للملك طعاما، فإذا حضر نهضنا إليهم بأسيافنا، فانفردت به فقتلته، وأجهز كلّ رجل منكم على جليسه.» فأجابوه إلى ذلك، واجتمع رأيهم عليه. فاتّخذ طعاما وأمر قومه، فانتضوا سيوفهم ودفنوها في الرمل، وقال:

- «إذا أتاكم [٩٦] القوم يرفلون في حللهم فخذوا سيوفكم ثم شدّوا عليهم قبل


[١] . اصطلمهم العدو أو الموت: استأصلهم وأبادهم.
[٢] . أنظر الطبري ٢: ٧٧١، وابن الأثير ١: ٣٥١.
[٣] . افترع البكر: افتضّها.
[٤] . الطبري: غفار.

<<  <  ج: ص:  >  >>