للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- «إنّى رأيت عليك قبل أن تلى الخلافة قباء فنك أخضر، فأنا أتأمّل هل هو ذاك.» قال:

- «هو- والله الّذى لا إله غيره- ذاك. ما لي قباء غيره وما ترون من جمعى هذا المال وصونه إلّا لكم.» وكان عقّال يقول: دخلت على هشام، فرأيت رجلا محشوّا عقلا.

ولم يكن يسير أيّام هشام أحد فى موكب إلّا مسلمة بن عبد الملك. ورأى هشام يوما سالما فى موكب. فزجره وقال:

- «لا أعلمنّ [١] متى سرت فى موكب!» فكان بعد ذلك إذا قدم الرّجل الغريب، فسار مع سالم، وقف له سالم ويقول: حاجتك؟ ويمنعه أن يسير معه. هذا وسالم يرى كأنّه هو أمرّ هشاما.

ولم يكن أحد يأخذ العطاء إلّا ألزمه الغزو، فمنهم من يغزو، ومنهم من يخرج بديلا.

وولّى هشام بعض مواليه ضيعة، فعمرها، فجاءت بغلّة كثيرة، ثمّ عمرها أيضا، فأضعفت الغلّة، وبعث بها مع ابنه فجزاه خيرا ووجد ابن هذا المولى منه انبساطا، فقال:

- «يا أمير المؤمنين، إنّ لى حاجة.» قال:

- «ما هي؟» قال:

- «زيادة عشرة دنانير فى العطاء.» فقال:

- «ما يخيّل إلى أحدكم [١٦٠] عشرة دنانير زيادة إلّا بقدر الجوز [٢] . لا لعمري، لا أفعل.»


[١] . لا أعلمنّ: كذا فى الأصل ومط وآ: لا أعلمنّ. فى الطبري (٩: ١٧٣١) : لأعلمنّ متى سرت فى موكب.
[٢] . فى الأصل. وآ، ومط. الجود. ما فى الطبري (٩: ١٧٣٢) : الجوز، وهو الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>