للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكتب أبو مسلم وهو على الرواح إلى طريق حلوان:

- «إنّه لم يبق لأمير المؤمنين- أكرمه الله عدوّ إلّا مكّنه الله منه. وقد كنّا نروى عن ملوك آل ساسان أنّ أخوف ما يكون الوزراء إذا سكنت الدهماء، فنحن نافرون من قربك حريصون على [٣٦٨] الوفاء بعدك ما وفيت، حريّون بالسمع والطاعة لك، غير أنّها من بعيد حيث تقارنها السلامة، فإنّ أرضاك ذلك فإنّا كأخسّ [١] عبيدك، وإن أبيت إلّا أن تعطى نفسك إرادتها، نقضت ما أبرمت من عهدك ضنّا بنفسي.» فلمّا وصل الكتاب إلى المنصور، كتب إلى أبى مسلم:

«قد فهمت كتابك، وليست صفتك صفة أولئك الوزراء الغششة ملوكهم الذين يتمنّون اضطراب حبل الدولة لكثرة جرائمهم، فإنّما راحتهم فى انتشار نظام الجماعة. فلم سوّيت نفسك بهم وأنت فى طاعتك ومناصحتك واضطلاعك بما حمّلت من أعباء هذا الأمر على ما أنت به، وليس مع الشريطة التي أوحشت [٢] منك سمع ولا طاعة. وقد حمّل إليك أمير المؤمنين عيسى بن موسى رسالة لتسكن إليها إن أصغيت، وأسأل الله أن يحول بين الشيطان ونزعاته وبينك، فإنّه لم يجد بابا يفسد به نيّتك أوكد عنده وأقرب


[١] . فى الطبري (١٠: ١٠٤) : كأحسن.
[٢] . فى الطبري (١٠: ١٠٤) : أوجبت، بدل «أوحشت» .

<<  <  ج: ص:  >  >>