للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يومئذ ونعم. وإنّ سابور أرسل إلى قوّاد جند الروم وذوى الرئاسة فيهم يعلمهم:

أنّهم لو ملّكوا غير يوسانوس، لجرى هلاكهم في بلاد فارس، ولكن تمليكهم إيّاه ينجيهم من سطوته. ثم قوّى أمر يوسانوس بكلّ جهد، وقال له عند منصرفه:

- «إنّ الروم قد شنّوا الغارة على بلادنا، وقتلوا بشرا كثيرا، وقطّعوا بأرض السواد من الشجر والنخل ما كان بها، وخرّبوا عمرانها، فإمّا أن تدفعوا إلينا قيمة ما أفسدوا وخرّبوا، وإمّا أن تعوّضونا من ذلك نصيبين وحيّزها.» فأجاب يوسانوس وأشراف جنده سابور إلى ما سأل من العوض، ودفعوا إليه نصيبين. فبلغ ذلك أهلها، فجلوا عنها إلى مدن للروم، خوفا على أنفسهم من ملك مخالف ملّتهم. فبلغ ذلك سابور، فنقل اثنى عشر ألف [١٤١] أهل بيت من أهل إصطخر وإصبهان وكور أخر، من بلاده إلى نصيبين، فأسكنهم إيّاها. وانصرف يوسانوس إلى الروم وملكها يسيرا ثم هلك.

وضرى سابور على قتل العرب، ونزع أكتاف رؤسائهم زمانا طويلا، فسمّته العرب «ذا الأكتاف» . ثم إنّه استصلح العرب وأسكن من بعض تغلب وعبد القيس وبكر، كرمان وتوّج [١] والأهواز. وبنى مدينة نيسابور ومدائن أخر بالسند وسجستان [٢] ، ونقل طبيبا من الهند، فأسكنه السوس، فورث طبّه أهل السوس.

وهلك سابور بعد اثنتين وسبعين سنة من ملكه.

[أردشير بن هرمز [٣]]

وقام بالملك بعد سابور، أخوه أردشير بن هرمز بن نرسى بن بهرام بن بهرام بن هرمز بن سابور بن أردشير بن بابك. فلمّا استقرّ به الملك ظهر منه شرّ، وقتل


[١] . مط: نوخ. وتوّج: مدينة بفارس على شاطئ نهر سابور خربت في القرن السادس (لج: ٢٨٠) .
[٢] . سجستان سگستان سيستان (لج: ٣٨٥) .
[٣] . انظر الطبري ٢: ٨٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>