للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما يكون من عبث الصبيان، فإذا لبس ثيابه تغيّر لونه وترّبد وجهه واحمرّت عيناه، فيخرج ويكون منه ما يكون، فإذا رجع، عاد لمثل ذلك فنستقبله فى ممشاه، فربّما عاتبنا، وقال لى يوما:

- «يا بنىّ، إذا رأيتمونى قد لبست ثيابي أو رجعت من مجلسي فلا يدنونّ أحد منكم منّى لا أعرّه بشرّ [١] وقال المنصور يوما:

- «ما كان أحوجنى أن يكون على بابى أربعة نفر لا يكون أعفّ منهم.» قيل له:

- «ومن هم يا أمير المؤمنين؟» [٤٨١] قال: «هم أركان الملك، ولا يصلح الملك إلّا بهم، كما أنّ السرير لا يصلح إلّا بأربع قوائم إن نقصت قائمة واحدة لم تستقم، أمّا أحدهم فقاض لا تأخذه فى الله لومة لائم، والآخر صاحب شرطة يأخذ للضعيف من القوىّ، والثالث، صاحب خراج يستقصى لى ولا يظلم الرعيّة، فإنّى غنّى عن ظلمهم.» ثمّ عضّ على إصبعه السبّابة وقال:

- «آه، آه.» قيل له: «يا أمير المؤمنين، ومن هو [٢] ؟» قال: «صاحب بريد يكتب إلىّ بخبر هولاء على الصّحة.» وقدّم إلى المنصور رجلان أحدهما شامىّ والآخر عراقىّ وقد ولّاهما خراج ناحيتهما، فقال للشامىّ بعد ما وصّاه وتقدّم إليه بما أراد:

- «ما أعرفنى بما فى نفسك، كأنّى بك وقد خرجت من عندي فقلت الزم


[١] . فى الطبري (١٠: ٣٩٣) : مخافة أن أعرّه بشيء.
[٢] . فى مط: ومن هو الرابع.

<<  <  ج: ص:  >  >>