للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبعث إلىّ فى ندماء الهادي ومغنّيه فى ضربهم وحبسهم صيانة له عنهم، فبعث إلىّ الهادي يسألنى الرفق بهم والترفيه لهم، فلا ألتفت إلى ذلك وأمضى لما يأمرنى به المهدىّ. قال: فلمّا ولى الهادي الخلافة أيقنت بالتلف، فبعث إلىّ يوما، فدخلت إليه متكفّنا متحنّطا وإذا هو على كرسىّ [٥٢٩] والسيف والنطع بين يديه، فسلّمت، فقال:

- «لا سلّم الله على الآخر، [١] تذكر يوم بعثت إليك فى أمر الحرّانى وما أمر به أمير المؤمنين رضى الله عنه، من ضربه وحبسه فلم تجبني، وفى فلان وفى فلان- فجعل يعدّد ندماءه- فلم تلتفت إلى قولي وأمرى؟» قلت: «نعم يا أمير المؤمنين، أفتأذن فى استيفاء الحجّة؟» قال: «نعم.» قلت: «نشدتك الله يا أمير المؤمنين، أيسرّك أنّك ولّيتني ما ولّانى أبوك فأمرتنى بأمر فبعث إلىّ بعض بنيك بأمر مخالف به أمرك، فاتبعت أمره وعصيت أمرك؟» قال: «لا.» قلت: «فكذلك أنا لك، وكذلك كنت لأبيك.» فاستدنانى، فقبّلت يده، فأمر بخلع، فصبّت علىّ، وقال:

- «قد ولّيتك ما كنت تتولّاه، فامض راشدا.» فخرجت من عنده، فصرت إلى منزلي مفكّرا فى أمرى وأمره وقلت:

حدث يشرب والقوم الذين عصيته فى أمرهم ندماؤه ووزراؤه وكتّابه وكأنّى بهم حين يغلب عليه الشراب قد أزالوا رأيه فىّ وحملوه فى أمرى على ما كنت أتّخوفه.


[١] . كذا. فى آومسط والطبري أيضا (١٠: ٥٨٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>