للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: «نعمّا فعلت ما عدوت ما كان فى نفسي.» فلمّا خرج أتبعه بصره حتّى كاد يتوارى عن عينه وقال:

- «قتلني الله إن لم أقتلك.» ومن أسباب ذلك أنّ الرشيد قلب [١] جارية ارتضى عقلها وأدبها، وكانت حسنة الغناء، جزلة الشعر، مليحة الكتابة، بارعة الجمال، فلمّا رأى كمالها استام صاحبها فيها واستام بها مائة ألف دينار وقال:

- «يا أمير المؤمنين، علىّ يمين بعتقها ألّا أنقصها [٢] من ذلك شيئا.» فتقدّم بإطلاق ذلك لمولاها.

فقال جعفر لأبيه وأخيه:

- «إنّ هذا إن أقدم على مثل هذه الأشياء أفنى بيوت الأموال. وقد رأيت أن أتقدّم بحمل قيمة هذه الدنانير دراهم فتوضع فى طريقه مبدّدة فإنّه الآن لا يعلم ما قيمة ما أطلق، وإذا رآها حلّت فى عينه ولعلّه أن ينصرف عن هذا الرأى.» [٥٦٤] ففعل ذلك وأمر بالمال ووضع فى ممرّ له، فلمّا نظر إليه الرشيد قال:

- «من أين هذا الحمل؟» قال له الخازن:

- «إنّه ليس بحمل، ولكنّه أخرج من الخزانة وهو ثمن الجارية وقد أحلّ


[١] . قلبه: أصاب قلبه.
[٢] . فى مط: انتقصها.

<<  <  ج: ص:  >  >>