للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا ظهر أمره.

ثمّ وجّه إلى علىّ بن عيسى: إن أحبّ الأمير- أكرمه الله- أن يوجّه ثقاته لقبض ما معى من أمواله فعل فإنّه إذا تقدّمنى المال كان أروح لقلبي وأفتّ فى عضد أعدائه وأجدر ألّا يشيع به الخبر. وأيضا فإنّى لا آمن عليه إن خلّفته وراء ظهري أن يطمع فيه بعض من شئموا [١] نفسه أن يقتطع بعضه ويغتنم غفلتنا عند دخول المدينة.

فوجّه علىّ بن عيسى جهابذته وقهارمته لقبض المال وقال هرثمة لخزّانه:

- «اشغلوهم هذه الليلة وأعلّوا عليهم بعلّة تقرب من أطماعهم وتزيل الشكّ عن قلوبهم.» ففعلوا وقال لهم الخزّان: حتّى نؤامر أبا حاتم فى دوابّ المال والبغال.

ثمّ ارتحل نحو مدينة مرو، فلمّا صار منها على ميلين تلقّاه علىّ بن عيسى فى ولده وأهل بيته وقوّاده بأحسن لقاء وآنسه. فلمّا وقعت [٨] عين هرثمة عليه، ثنى رجله لينزل عن دابّته فصاح به علىّ:

- «والله لئن نزلت لأنزلنّ.» فثبت على سرجه ودنا كلّ واحد من صاحبه فاعتنقا وسارا وعلىّ يسأل هرثمة عن أمر الرشيد وحاله وهيأته وحال خاصّته وقوّاده وأنصار دولته، وهرثمة يجيبه حتّى إذا صار إلى قنطرة لا يجوزها إلّا فارس. فحبس هرثمة لجام دابّته وقال لعلىّ:

- «سر على بركة الله.» فقال علىّ:

- «لا والله لا أفعل حتّى تمضى أنت.»


[١] . كذا فى الأصل: شئموا. وفى مط: سئموا (بالسين المهملة) . وشئموا لغة فى شأموا.

<<  <  ج: ص:  >  >>