للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغوغاء والسفلة. وتحصّن محمد بالمدينة هو ومن يقاتل معه، وحصره طاهر وأخذ عليه الأبواب ومنع منه ومن أهل المدينة الدقيق والماء وغيرهما.

فحكى طارق الخادم وكان من خاصّة محمد- وكان المأمون بعد ذلك أيضا يقدّمه- أن محمدا سأله يوما من الأيّام وهو محصور- أو قال فى آخر يوم من أيّامه- أنّ أطعمه شيئا. قال: فدخلت المطبخ فلم أجد شيئا فجئت إلى حمرة [١] العطّارة وكانت خازنة [٢] الجوهر فقلت لها:

- «إنّ أمير المؤمنين جائع، فهل عندك شيء؟ فإنّى [١١٠] لم أجد فى المطبخ شيئا؟» فقالت لجارية لها يقال لها بنان:

- «أىّ شيء عندك؟» فجاءت بدجاجة ورغيف، فأتيته بهما فأكل وطلب ماء يشربه فلم يجد فى خزانة الشراب ماء، فأمسى وكان عزم على لقاء هرثمة، فما شرب ماء حتّى أتى عليه.

[ذكر اتفاقات عجيبة]

حكى إبراهيم بن المهدى أنّه كان نازلا مع محمد المخلوع فى مدينة المنصور فى قصره بباب الذهب لمّا حصره طاهر. قال: فخرج ذات ليلة من القصر يريد أن يتفرّج من الضيق الذي هو فيه، فصار إلى قصر القرار فى قرن الصراة فى جوف الليل، ثمّ أرسل إلىّ فصرت إليه، فقال لى:

- «يا إبراهيم أما ترى طيب هذه الليلة وحسن هذا القمر وضوءه فى الماء- ونحن حينئذ فى شاطئ دجلة- فهل لك فى الشرب؟»


[١] . فى الأصل: حمزة. وهو تصحيف. وفى الطبري (١١: ٩٠٨) : حمرة العطّارة.
[٢] . فى الطبري: جارية الجوهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>