للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلم ير راكبا إلى السنة القابلة فى مثل ذلك اليوم.

فلمّا كان العام المقبل فى مثل ذلك اليوم خرج فصلّى بالناس العيد، ثمّ لم يرجع إلى داره ببغداد. ولكنّه صرف وجه دابّته إلى القاطول [١] .

وحكى أنّه قام أيضا إلى المعتصم يوما رجل من العامّة فقال:

- «يا با إسحاق، اخرج عن مدينتنا وإلّا حاربناك بما لا تقوم له.» فتقدّم بأخذ الرجل وحمله إليه. فلمّا صار بين يديه قال:

- «ويلك بمن تحاربنى وما هذا الذي لا أقوم له؟» قال: «نحاربك بأصابعنا إذا هدأت الأصوات بالليل» - يعنى الدعاء.

فسكت عن الرجل ولم يعرض له.

ثمّ خرج فبنى سرّ من رأى.

وفى هذه السنة غضب [٢٠٨] المعتصم على الفضل بن مروان وحبسه.

[ذكر الخبر عن غضبه عليه وحبسه له وسبب اتصاله به ونفاقه عليه]

كان الفضل هذا رجلا من أهل البردان حسن الحظّ، فاتصل بكاتب للمعتصم يقال له يحيى الجرمقانى. فمات يحيى وصار الفضل فى موضعه وذلك قبل خلافة المعتصم، ثمّ خرج معه إلى عسكر المأمون وصار معه إلى مصر، فاحتوى على أموال مصر وكثرت ذخائره وكنوزه. ثمّ قدم الفضل قبل المأمون بغداد ينفذ أمور المعتصم ويكتب عنه وعلى لسانه ما أحبّ، حتّى قدم المعتصم خليفة، فصار الفضل صاحب الخلافة والدواوين كلّها تحت يديه فتضاعفت كنوزه.


[١] . القاطول: نهر كان فى موضع سامرّا قبل أن يعمر (مراصد الإطلاع) .

<<  <  ج: ص:  >  >>