للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرجع الغلام فأخبر صاحبه ابن البعيث، فأخبر ابن البعيث بغا بذلك، فوقف بغا يشاور أصحابه، فقال بعضهم:

- «هذا باطل وهذه خدعة، ليس من هذا شيء.» وقال بعض الكوهانيّين [١] :

- «إنّ هذا جبل أعرفه. من صعد إلى رأسه نظر إلى عسكر الأفشين.» فصعد بغا والفضل بن كاوس وجماعة منهم ممّن نشط، فأشرفوا على الموضع فلم يروا فيه أحدا، فيقن أنّه مضى وتقرّر رأيه على أن ينصرف فى صدر النهار قبل أن يجنّهم الليل، فأمر داود سياه بالانصراف، فجدّ فى السير ولم يعد فى الطريق الذي دخل منه مخافة المضايق والعقاب، وأخذ الطريق الذي دخل منه فى المرّة الأولى يدور حول هشتاذ سر وليس فيه مضيق إلّا فى موضع واحد. فسار بالناس وبعث الرجّالة فرموا بأسلحتهم وطرحوا الرماح فى الطريق ودخلتهم وحشة شديدة ورعب عظيم وصار بغا والفضل بن كاوس وجماعة [٢١٦] من القوّاد فى الساقة، وظهرت طلائع بابك ونزل بغا فتوضّأ وصلّى ووقف فى وجوههم وتخوّف بغا على عسكره أن يوافقه [٢] الطلائع من ناحية ويدور عليهم فى بعض الجبال والمضايق قوم آخرون فشاور من حضره وقال:

- «لست آمن أن يكون هؤلاء الذين بإزائنا مشغلة يحبسوننا عن المسير ويسبقوننا إلى المضايق قوم آخرون.» فأشار الفضل بن كاوس أن يوجّه إلى داود سياه وهو على المقدّمة أن يسرع السير ولا ينزل حتّى يجاوز المضيق ولو فى نصف الليل. فأمّا نحن


[١] . كذا فى الأصل وآ ومط: الكوهانيّين. ما فى الطبري (١١: ١١٩٠) : الكوهبانيّين.
[٢] . فى مط: أن تواقعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>