للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس نوائب كراديس، تقف على ظهور الخيل كما يدور العسكر بالليل، فبعض القوم معسكر وبعض وقوف على ظهور دوابّهم على ميل كما يدور العسكر بالليل والنهار، مخافة البيات، كي إن دهمهم أمر كان الناس على تعبئة والرجّالة فى العسكر، فضجّ الناس من التعب وقالوا:

- «كم نقعد هاهنا فى المضيق ونحن قعود فى الصحراء وبيننا وبين العدوّ أربعة فراسخ ونحن نفعل فعال من يرى العدوّ بإزائه؟ قد استحيينا من الناس والجواسيس الذين يمرّون بنا، وبين العدوّ وبيننا أربعة فراسخ ونحن قد متنا من الفزع، اقدم بنا فإمّا لنا وإمّا علينا.» فقال: «أنا والله أعلم أنّ ما تقولون حقّ، ولكن أمير المؤمنين أمرنى بهذا ولا أجد بدّا منه.» فلم يلبث أن ورد عليه كتاب المعتصم يأمره أن يتحرّى بدرّاجة الليل، فانحدر فى خاصّته حتّى نزل روذ الروذ وتقدّم حتّى شارف الموضع الذي واقعه عليه بابك فى العام الماضي، فنظر إليه فإذا عليه كردوس من الخرّمية فلم يحاربوه ولم يحاربهم فقال بعض العلوج: [٢٢٠]- «ما لكم تجيئون وتفرّون، أما تستحيون؟» فأمر الأفشين ألّا يجيبوهم ولا يبرز إليهم أحد، فلم يزل مواقفهم إلى قريب من الظهر ثمّ رجع إلى عسكره فلم يزل على ذلك أيّاما وكان يأمر أبا سعيد أن يذهب فيواقفهم ولا يحرّكهم ولا يهيجهم وأمر الفعلة وكانوا يسمّون الكلغريّة [١] أن يحملوا شكاء الماء والكعك.

فلمّا صاروا إلى روذ الروذ أمر أبا سعيد أن يذهب فيواقفهم على حسب ما كان يواقفهم، وأمر الفعلة أن ينقلوا الحجارة ويحصّنوا الطرق التي تسلك إلى


[١] . والضبط من الطبري (١١: ١١٩٩) حيث جاء فيه: الكلغريّة، وهم الفعلة. ويحتمل أن يكون أصلها الفارسي: گلگران، أى عمّال الطين.

<<  <  ج: ص:  >  >>