للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الرفق فينقلوه. وأتاه رسول بابك معه قثّاء وبطّيخ وخيار يعلمه أنّه فى أيّامه هذه فى جفاء، إنّما يأكل الكعك والسويق [٢٢٢] هو وأصحابه، وأنّه إن أحبّ أن يلطفه بذلك فعل.

فقال الأفشين للرسول:

- «قد عرفت أىّ شيء أراد أخى بهذا. إنّما أراد أن ينظر إلى العسكر، وأنا أقبل برّه وأعطى شهوته. فقد صدق، أنا فى جفاء.» وقال للرسول:

- «أمّا أنت فلا بدّ لك أن تصعد حتّى ترى معسكرنا وترى ما وراءنا.» فأمر بحمله على دابّة، وأن يصعد به، حتّى يرى الخندق، وينظر إلى خندق كلان روذ. وخندق برزند ويتأمّل الخنادق الثلاثة ولا يخفى عليه منها شيء ليخبر به صاحبه.

ففعل به ذلك. ثمّ أطلقه ووصله وقال:

- «اذهب واقرأه منّى السلام. [١] » ثمّ إنّ الأفشين كان فى كلّ أسبوع يضرب الطبول نصف الليل ويخرج بالشمع والنفّاطات إلى باب الخندق، وقد عرف كلّ إنسان كردوسه من كان فى الميمنة ومن كان فى الميسرة. فيخرج الناس فيقفون فى مواقفهم.

وكان الأفشين يحمل أعلاما سوداء كبارا على البغال وكان اثنى عشر علما وكانت أعلامه الصغار نحو خمسمائة علم وكانت طبوله الكبار اثنين وعشرين طبلا، فيقف أصحابه على مراتبهم حتّى إذا طلع الفجر ركب الأفشين من مضربه [٢٢٣] فيؤذّن المؤذّن بين يديه ويصلّى الناس بغلس، ثمّ يأمر بضرب الطبول ويسير زحفا، وكانت علامة السير ضرب الطبول، فإن


[١] . أى: اقرأ عليه منّى: السلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>