للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خيمة بين يديها فازة، فاصطفّ الناس له صفّين، فأمر الأفشين ألّا يتركوا غريبا [١] من الصفّين فرقا أن يجرحه إنسان أو يقتله ممّن قتل أولياءه أو صنع به داهية.

وقد كان صار إلى الأفشين نساء كثير وصبيان ذكروا أنّ بابك كان أسرهم وأنّهم أحرار من العرب والدهاقين. فأمر الأفشين بإفرادهم فى حظيرة وأجرى عليهم أقواتهم وأمرهم أن يكتبوا إلى أوليائهم وكل من جاءه فعرف امرأة أو صبيّا أو صبيّة وأقام شاهدين يعرفان أنّها حرمة له أو قرابة دفعها إليه. فكان قد ذهب خلق كثير وبقي ناس كثير منهم ينتظرون أن تجيء أولياؤهم.

فلمّا كان ذلك اليوم وصار بين بابك وبين الأفشين قدر نصف ميل أنزل بابك، فمشى بين الصفّين فى درّاعته وعمامته وخفّيه حتّى وقف بين يدي الأفشين. فنظر إليه الأفشين ثمّ قال:

- «انزلوا به إلى العسكر.» فنزلوا به راكبا.

فلمّا نظر النساء والصبيان الذين كانوا [٢٤٣] أفردهم الأفشين فى حظيرة لطموا وجوههم وصاحوا وبكوا حتّى ارتفعت أصواتهم.

فوجّه الأفشين إليهم:

- «أنتم بالأمس تقولون أسرنا وأنتم اليوم تبكون عليه، لعنكم الله.» قالوا: «إنّه كان محسنا إلينا.» فأمر به الأفشين فأدخل بيتا، ووكّل به جماعة من ثقاته. وكان عبد الله أخو بابك مقيما عند عيسى بن اصطفانوس، فأعلم الأفشين بمكانه فكتب


[١] . كذا فى الأصل وآ: غريبا. وفى الطبري (١١: ١٢٢٧) : عربيّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>