للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر مقتل بغا الشرابىّ

كان بغا يحضّ المعتزّ على المصير إلى بغداد والمعتزّ يأبى ذلك. ثمّ انّ بغا اشتغل مع صالح بن وصيف فى خاصّته لعرس جمعة بنت بغا وكان صالح بن وصيف تزوّجها. فركب المعتزّ ليلا ومعه أحمد بن إسرائيل إلى كرخ سرّ من رأى يريد بايكباك ومن كان على رأيه فى الانحراف عن بغا مستخفيا منه.

فلمّا وافى المعتزّ بمن معه الكرخ اجتمع مع بايكباك أهل الكرخ والدور، ثمّ أقبلوا مع المعتزّ إلى الجوسق [١] بسرّ من رأى، وبلغ ذلك بغا فخرج فى غلمانه وهم زهاء خمسمائة ومثلهم من ولده وأصحابه وقوّاده. فصار إلى نهر نيزك ثمّ تنقّل إلى مواضع، ثمّ صار إلى السنّ ومعه من العين تسع عشرة بدرة ومائة بدرة دراهم أخذها من بيت ماله وبيوت أموال السلطان، فأنفق منها يسيرا إلى أن قتل.

ولمّا بلغه أنّ المعتزّ قد صار إلى الكرخ مع أحمد بن إسرائيل، خرج فى خاصّته [٤٢٢] إلى تلّ عكبر [٢] ، ثمّ مضى إلى السنّ فشكا أصحابه بعضهم إلى بعض ما هم فيه من العسف، وأنّهم لم يخرجوا معهم مضارب ولا ما يتدثّرون به من البرد وإنّهم فى شتاء. وكان بغا فى مضرب له صغير على دجلة فكان يكون فيه، فأتاه أساتكين فقال:

- «أصلح الله الأمير، قد تكلّم أهل العسكر وخاضوا فى كذا وأنا رسولهم إليك.» فقال: «كلّهم يقولون مثل قولك؟» قال: «نعم وإن شئت فابعث إليهم حتّى يقولوا مثل قولي.»


[١] . الجوسق: فارسىّ معرّب. أصله بالفارسيّة: كوشك، أى القصر.
[٢] . كذا فى الأصل وآ ومط: عكبر. فى الطبري (١٢: ١٦٩٥) : عكبراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>