للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المخمصة والمخافة، وأكابد البرد والحرّ، وأركب هول البحر وخطر المفازة، إرادة هذا الأمر الذي قد أتمّه الله لكم من الإثخان في الأعداء، والتمكين في البلاد، والسعة في المعاش ودرك العزّ، وبلاغ ما نلتم. فقد أصبحتم بحمد الله ونعمته على الشرف الأعلى من النعمة والفضل الأكبر من الكرامة والأمن، وقد هزم الله أعداءكم وقتلهم. فهم بين مقتول هالك، وحىّ مطيع لكم سامع.

«وقد بقي لكم عدوّ عددهم [١] قليل، وبأسهم شديد، وشوكتهم [٢٠٩] عظيمة، وهؤلاء الذين بقوا، أخوف عندي عليكم، وأحرى أن يهزموكم ويغلبوكم، من الذين غلبتموهم من أعدائكم أصحاب السيوف والرماح والخيول. فإن أنتم- أيّها الناس- غلبتم عدوّكم هذا [٢] الثاني غلبتكم لعدوّكم الذين قاتلتم وحاصرتم، فقد تمّ الظفر والنصر، وتمّت فيكم القوّة وتمّ لكم العزّ، وتمّت عليكم النعمة، وتمّ لكم الفضل، وتمّ لكم الاجتماع والألفة والنصيحة والسلامة. وإن كنتم قصّرتم ووهنتم، وظفر هذا العدو بكم، فإنّ الظفر الذي كان منكم على عدوّكم بالمغرب والمشرق وفي الجنوب والشمال، لم يكن ظفرا منكم. فاطلبوا أن تقتلوا من هذا العدوّ الباقي مثل الذي قتلتم من ذلك العدوّ الماضي، وليكن جدّكم في هذا واجتهادكم واحتشادكم أكبر وأجلّ وأحزم وأعزم وأصحّ وأسدّ. فإنّ أحقّ الأعداء بالاستعداد له أعظمهم مكيدة وأشدّهم شوكة، وليس الذي كنتم تخافون من عدوّكم الذي قاتلتم، بقريب [٢١٠] من هؤلاء الذين آمركم بقتالهم الآن. فاطلبوه، وصلوا ظفرا بظفر، ونصرا بنصر،


[١] . عدو عددهم: بضمير الجمع.
[٢] . مط: «هذا الآتي عليكم لعدوكم الذين قاتلتم» بدل «هذا الثاني غلبتكم لعدوكم الذين قاتلتم.»

<<  <  ج: ص:  >  >>