للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القوم قد صعدوا وانهزم عنهم الزنج فليس فى وجوههم من يردّهم فصاح به وانتهره وقال:

- «اغرب عنّى، فقد دخلك الجزع وانخلع قلبك فلست تدرى ما تقول.» وقد كان أمر جعفرا السجّان بالنداء فى الزنج وتحريكهم للخروج إلى موضع الحرب، فأتاه السجّان فأخبره أنّه ندب الزنج فخرجوا وظفروا بسميريّتين [١] . فأمره بالرجوع لتحريك الرجّالة. فرجع ولم يلبث إلّا يسيرا حتّى أصيب [٤٨٧] مفلح بسهم غرب لا يعرف الرامي، ووقعت الهزيمة وكرّ الزنج وقووا على محاربتهم فقتلوا منهم مقتلة عظيمة ووافى الخبيث زنجه بالرؤوس قابضين عليها بأسنانهم حتّى ألقوها بين يديه. فكثرت الرؤوس يومئذ حتّى ملأت كلّ شيء. وأتى الخبيث بأسير من أبناء الفراغنة، [٢] فسأله عن الجيش فأعلمه بمكان أبى أحمد الموفّق، ومفلح فارتاع لذكر الموفّق وكان إذا راعه أمر كذّب به، فقال:

- «كذبت، ليس غير مفلح ولو كان فى الجيش من ذكر هذا الأسير لكان صوته أبعد ولما كان مفلح إلّا تابعا له، وأنا لست أسمع إلّا باسم مفلح.» ولم يلبث مفلح أن مات.

ووافى علىّ بن أبان فى أصحابه وقد استغنى عنه.

وهرب أبو أحمد الموفّق إلى الأبلّة، فأخذ يجمع من فرّقت الهزيمة ويجدّد الاستعداد. ثمّ مضى إلى نهر أبى الأسد وكان الخبيث لا يدرى كيف قتل مفلح. فلمّا بلغه أنّه أصيب بسهم ولم ير أحدا ينتحله ادّعى أنّه هو كان الرامي له فسمعه. من يقول:

- «سقط بين يدي سهم فأمرت خادمي راحا أن يرفعه إلىّ، فرميت به


[١] . فى مط: بتسمرتين. وهو تصحيف وخطأ.
[٢] . انظر الطبري (١٢: ١٨٦٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>