للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكروا أنّهم يرونه فى الليل على سطوحهم، وأنّه يأكل أطفالهم. قالوا: وربّما قطع يد الإنسان إذا كان نائما، أو ثدي المرأة فيأكله. وكانوا يتحارسون طول الليل ولا ينامون ويتزاعقون ويضربون الطسوت والصوانى والهواوين ليفزّعوه.

وارتجّت بغداد لذلك، حتّى أخذ السلطان حيوانا غريبا أبلق، كأنّه من كلاب الماء، وقال:

- «هو الزّبزب، وإنّه صيد.» فصلب [١٠٧] على نقنق عند الجسر الأعلى، وبقي مصلوبا إلى أن مات.

فلم يغن ذلك إلى أن انبسط القمر، وتبيّن للناس أنّه لا حقيقة لما توهّموه، فأمسكوا. إلّا أنّ اللصوص وجدوا فرصتهم بتشاغل الناس فى سطوحهم، فكثرت النقوب.

الوزير يصلّى على جنازة شار على أنّها جنازة ابن الفرات

وفيها تقرّر عند أبى الحسن علىّ بن عيسى الوزير أنّه قد سعى لابن الفرات فى الوزارة وتحققه، فاستعفى منها، ولم يعفه المقتدر، وأظهر فى دار السلطان أنّ ابن الفرات عليل شديد العلّة.

واتفق أن مات الشاري الذي كان محبوسا فى دار السلطان، والتدبير فى أمر الشراة [١] أن يكتم موت من يؤخذ منهم، ممّن تسميه الشراة إماما، فإنّه ما دام حيّا فليس ينصبون إماما غيره، فإن صحّ عندهم موته نصبوا غيره.

فأظهر فى دار السلطان أنّ ابن الفرات مات، وكفّن الشاري وأخرجت جنازته على أنّها جنازة ابن الفرات، وصلّى عليه الوزير علىّ بن عيسى، ثمّ انصرف


[١] . الشّراة: الخوارج.

<<  <  ج: ص:  >  >>