للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن الفرات فسمعته يتحدّث فى وزارته الثانية قال:

- «دخل إلىّ أبو الهيثم العبّاس بن محمّد بن ثوابة الأنبارى فى محبسى [١] من دار المقتدر بالله فطالبني أن أكتب خطّى بثلاثة عشر ألف ألف دينار.» فقلت: «ما جرى قدر هذا على يدي للسلطان فى طول ولايتي فكيف أصادر على مثله؟» فقال: «إنّى حلفت بالطلاق أن تكتب خطّك بذلك.» فكتبت بثلاثة عشر ألف ألف من غير أن أذكر ما هي أو ضمانا فيها.

فقال:

- «فاكتب دينارا لتبرّئنى من يميني.» فلمّا كتبت دينارا ضربت عليه وأكلت الرقعة وقلت:

- «قد برئت عن يمينك ولا سبيل لك إلى غير هذا.» فاجتهد جهده فلم أجبه إلى شيء، فلمّا كان من الغد دخل إلى الحبس ومعه أمّ موسى فطالب بذلك وأسرف فى سبّى وشتمي ورمانى بالزنا، فحلفت بالطلاق والعتاق والأيمان المغلظة أنّى ما دخلت فى شيء من محظور هذا الجنس منذ نيّف وثلاثين سنة وسمته [٢] أن يحلف بمثل ذلك إنّ غلامه القائم على رأسه لم يأته فى ليلته تلك. فأنكرت أمّ موسى هذه الحال وغطّت وجهها حياء منه.

فقال لها ابن ثوابة:

- «هذا إنّما تبطره الأموال التي وراءه، ومثله فى ذلك [١٧١] مثل المزيّن مع كسرى والحجّام مع الحجّاج بن يوسف، فاستأمرى السادة فى إنزال المكروه به حتّى يذعن بالأموال.»


[١] . فى مط: فى مجلس.
[٢] . سمته: كذا فى الأصل. وفى مط: شتمه. سامه الأمر: كلّفه إيّاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>