للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جرى عليه لحقه من الغمّ أمر لا يذكر مثله وأنّه لم يطعم طعاما منذ عرف خبره، لأنّه شيخ من مشايخ الكتّاب وقد خدم أمير المؤمنين [١٩٩] وتحرّم بداره ومثله يخطئ وأمير المؤمنين أولى بالصفح، وسأل أن يزال عنه القيد والجبّة الصوف.

فأجابه المقتدر بأنّ علىّ بن عيسى مستحقّ لأضعاف ما جرى عليه وأنّ المحسّن قد أصاب فيما عامله به، وأنّه قد شفعه فى أمره، وأمر بحلّ قيده ونزع جبّة الصوف عنه، وتقدّم بعد ذلك بتسليم علىّ بن عيسى إلى ابن الفرات ليؤدّى مال التعجيل من مصادرته.

فلمّا حمل إليه [قال] [١] :

- «لست أحبّ أن يكون فى دارى لئلّا يلحقه مرض وهو شيخ فينسب إلىّ، وأنا أسأل أمير المؤمنين أن يأذن فى تسليمه إلى شفيع.» فقيل للمقتدر ذلك. فقال:

- «أنا أسلّمه إليك لأنّك الوزير فاحفظ نفسه ولا تسلّمه إلى المحسّن، فأمّا غير هذا فأنت أولى وما تراه.» فأنفذ ابن الفرات إلى شفيع وأحضره. وأخذ ابن الفرات فى توبيخ علىّ بن عيسى وعاتبه على أمر وقوف وقّع أمير المؤمنين بردّها عليه وأنّ مالها كان ينصرف إلى أشياء يتقرّب بها إلى الله- عزّ وجلّ- وينصرف بعضها إلى ولده وغلمانه وأنّ ما فعله لا يجوز فى الدين ولا فى المروءة.

فأخذ علىّ بن عيسى يعترف بالتفريط الذي وقع منه وسأله قبول عذره، وكان المحسّن حاضرا [٢٠٠] فأطنب فى توبيخه وتقريعه على هذا الباب، فأجابه بمثل ما أجاب به والده وزيادة. وقال فى عرض كلامه:


[١] . ما بين المعقوفتين ساقط فى الأصل، فأضفناه من مط.

<<  <  ج: ص:  >  >>