للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنده أيضا زينب بنت أوس بن حارثة. فأراد النعمان طيّئا على أن يدخلوه ويمنعوه، فأبوا ذلك وقالوا:

- «لولا صهرك لقاتلناك، فإنّه لا حاجة لنا في معاداة كسرى.» فأقبل ليس أحد من الناس يقبله، حتى نزل بذي قار، في بنى شيبان سرّا، فلقى هانئ بن قبيصة بن هانئ بن مسعود، وكان سيّدا منيعا، وكان كسرى قد أطعم قيس بن مسعود الأبلّة. فكره النعمان لذلك أن يدفع إليه أهله، وعلم أنّ هانئا مانعه ممّا يمنع منه نفسه، فأودعه سلاحه، وتوجّه بنفسه إلى كسرى، فلقى زيد بن عدىّ على قنطرة ساباط.

فقال: «انج نعيم!» فقال: «أنت يا زيد فعلت هذا، أما والله لئن انفلتّ لأفعلنّ بك ولأصنعنّ.» فقال له زيد: «امض نعيم! فقد- والله- وضعت لك عنده آخيّة [١] لا يقلعها المهر [٢] الأرن [٣] .

فلما بلغ كسرى أنه بالباب، بعث إليه، فقيّده، وأنفذه إلى خانقين، فلم يزل في السجن حتى وقع الطاعون، فمات فيه، والناس يظنّون أنّه [٢٥٢] مات بساباط، لبيت [٤] قاله الأعشى. والصحيح ما قلناه.

إياس وما أدّى إلى يوم ذى قار

وأمر كسرى إياس بن قبيصة الطائي أن يضمّ ما كان النعمان ينظر فيه، ويجمع ماله ويبعث به إليه. فبعث إياس إلى هانئ أن:


[١] . الآخية: عروة تثبت في الأرض أو الحائط لربط الدابة بها. الحرمة والذمة.
[٢] . المهر: أول ما ينتج من الخيل والحمر الأهلية وغيرها.
[٣] . الأرن: النشط. يقال: شددت له آخية لا يحلّها المهر الأرن.
[٤] . والبيت كما في الطبري (٢: ١٠٢٨) :
فذاك وما أنجى من الموت ربّه بساباط، حتّى مات وهو محرزق

<<  <  ج: ص:  >  >>