للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلمّا كان فى اليوم الثاني خرج عليه مرداويج فواقعه وهزمه [٢٧٢] فمرّ على وجهه فتبعه يومه أجمع فلم يظفر به، ولحقت أسفار مجاعة فى اليوم الثاني فأوى إلى رحى طحّان فى قرية وسأله أن يطعمه فأخرج إليه خبزا ولبنا، وكان يأكل وأطلّ مرداويج على الموضع فوجد آثار الحافر قد انقطع هناك، فوقف يتأمّل فرأى أكّارا فتشبّث به وسأله عن اسفار فأنكر وأرهبه فقال له:

- «ما أعرفه ولكنّى رأيت فارسا قد دخل إلى هذه الرحى.» وكبس مرداويج الموضع فوجده يأكل خبزا فاحتزّ رأسه، وعاد إلى قزوين فسكّن أهلها وتلافاهم وأزال تلك المطالبة عنهم ووعدهم بالجميل وانصرف عنهم ووهب [١] دعاءهم.

ثمّ أنّ مرداويج ذهب فتغلّب على الرىّ وإصبهان وأساء السيرة بإصبهان خاصّة وتبسّط فى أخذ الأموال وانتهاك الحرم وطغى وجلس على سرير ذهب دونه سرير فضّة يجلس عليه من يرفع منه وأقام جنده يوم السلام عليه صفوفا بالبعد منه.

وسام مرداويج رجاله الخسف [٢] وكانوا يرهبونه رهبة عظيمة وكان يقول:

- «أنا سليمان بن داود وهؤلاء الشياطين.» وكان يغضّ من الأتراك [٢٧٣] غضّا شديدا. فساءت نيّاتهم له فطلبوا كيدا يكيدونه به وتمكّنت له فى نفوس الخاصّ والعامّ البغضاء وضجروا منه وضعفت نفوس أهل مملكته فى أيّامه.


[١] . فى مط: ورهب.
[٢] . فى الأصل: الخشف. وما فى مط: الخسف، كما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>