للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر تدبير دبّره ياقوت فى حال الهزيمة فلم ينفذ له واحترز منها علىّ بن بويه فظفر

لمّا أشرف الديلم على سواد ياقوت عند هزيمته وهزيمة أصحابه طلب نشزا [١] من الأرض عاليا فى طريقه، فصعد إليها وركّز عليها رايته، فاجتمع إليه نحو من أربعة آلاف رجل. وظنّ أن الديلم يتسرعون إلى خزائنه ويشتغلون بالنهب فيضطرب نظامهم ويكرّ عليهم- وهذه لعمري مكيدة طال ما صارت سببا لظفر قوم بعد هزيمتهم- فقال لأصحابه:

- «لا تفرّقوا وتأهّبوا للكرّة فإنّها الظفر لا محالة.» وأحسّ علىّ بن بويه بذلك فبرز أمام مصافّه ونادى أصحابه وقال لهم:

- «لا تبعدوا ولا تنقضوا تعبيتكم فإن الخصم [٤٤٤] واقف ينتظر اشتغالكم بالنهب ثمّ يعطف عليكم ولم يبق له غير هذه المكيدة.» وأعلمهم أنّ الغنيمة لا تفوت. فلمّا رأى ياقوت ثباتهم وامتناعهم من النهب واحترازهم من مكيدته مضى على وجهه منهزما وملك علىّ بن بويه جميع ذلك السواد. ووجد لياقوت صناديق فيها برانس وقيود وما أشبه ذلك كان أعدّها للأسارى. فأشار جماعة من قوّاد علىّ بن بويه بأن يجعل ذلك لأسارى رجال ياقوت وأن يجعل البرانس على رؤوسهم والقيود فى أرجلهم ويشهّر بهم فى المعسكر ثمّ فى البلد. فأبى ذلك علىّ بن بويه وقال:

- «بل نعدل عن هذا إلى العفو عمّن أظفرنا الله بهم من أعدائنا ونشكر الله على هذه النعمة، فإنّه أدعى للمزيد وأبعد من البغي والطغيان.» ثمّ امتدّ إلى الزرقان [٢] يوم الجمعة وإلى الدينكان يوم السبت وتولّت


[١] . النّشز والنّشاز: المكان المرتفع.
[٢] . كذا فى مط ومد: الزرقان. وفى الأصل شيء من الغموض.

<<  <  ج: ص:  >  >>