للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت عظيمة. فما زال يتربّص ويدافع، ويقدّم رجلا ويؤخّر أخرى، تارة تشره نفسه إلى المال وتارة يرهب من مكاشفة بجكم، ويتوقّع مع ذلك دائرة على بجكم من قتل أو هزيمة فيتمكّن ممّا يريد.

وامتدّت أيّامنا حتّى أقمنا زيادة على شهر وكتب بجكم ترد علينا بأن نعرّفه ما علمناه فإذا أقرأناها البريدي قال:

- «أنا سائر غير متلوّم.» ثمّ يتراخى ففطنّا لما فى نفسه وقلت لعدل سرّا:

- «أنفذ إلى بجكم من يعرّفه الخبر.» فبادر إليه بركابىّ يثق به. فلمّا وصل إلى بجكم [١] لم يلبث أن ركب الجمّازات ووافى مدينة السلام وخلّف عسكره وراءه.

وسقطت الأطيار على البريدي بدخول بجكم بغداد [٢٠] وأنّه لا يدرى أهو منهزم أم مجتاز فأبلس ودهش وتحيّر وهمّ بالقبض علىّ وجذبني إلى البصرة وعملت أنا على الاستتار [٢] فخفت أن يثيرنى ويخرجني لأنّ واسط بلد صغير فكنت على ذلك أتردّد إليه متجلّدا. ثمّ دعاني وقت العصر بعدّة غلمان فلم أشك فى أنّه للقبض علىّ. فوصلت إليه وقت المغرب وقد قام فدخل إلى كلّة له هربا من البقّ فقال لى:

- «عرفت الخبر؟» قلت: «ماذا؟» فقال: «سقط طائر قبل العصر بأنّ بجكم قد سار إلى واسط.» فقلت: «هذا باطل متى ورد بغداد ومتى خرج؟» فقال: «دع هذا عنك، فإنّى لا أشكّ فيه. قم اخرج الساعة إليه وأزل ما


[١] . فى مط: يحكم، بدل «بجكم» .
[٢] . الاستتار: كذا فى الأصل ومط. وفى مد: الاستنار، وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>