للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد غمّنى غلبة الغضب والغيظ علىّ وافراطهما فىّ حتّى أخرج إلى ما أندم عليه من ضرب وقتل. فأنا أسألك أن تثقف [١] ما أعمله ثمّ تعالجنى ممّا تكرهه وإذا عرفت لى عيبا لم تحتشم أن تذكره لى ثمّ ترشدني إلى علاجه ليزول عنّى.» قال: فقلت له:

- «السمع والطاعة، ولكن فى العاجل اسمع منّى جملة علاج ما أنكرته من نفسك إلى أن يجيء التفصيل.

- «اعلم أيّها الأمير بأنّك قد أصبحت وليس فوق يدك يد لمخلوق، وأنّه لا يتهيّأ لأحد منعك ممّا تريد ولا أن يحول بينك وبين ما تهواه أىّ وقت أردته، وأنّك متى أردت شيئا بلغته فى أىّ وقت شئت، لا يفوتك منه شيء.

- «ثمّ اعلم أنّ الغيظ والغضب يحدث فى الإنسان سكرا أشدّ من سكر الشراب المسكر بكثير. فكما أنّ الإنسان يعمل فى وقت السكر من النبيذ ما يندم عليه وما لا يعقل به ولا يذكره إذا صحا، [٢] كذلك [٢٧] يحدث فى حال السكر من الغضب بل أشدّ. فيجب كما يبتدأ بك الغضب وتحسّ بأنّه قد ابتدأ يغلبك ويسكرك وقبل أن يشتدّ ويقوى ويتفاقم ويخرج من يدك فضع فى نفسك أن تؤخّر العقوبة على الذنوب وتتركها. تغبّ ليلة واثقا بأنّ ما تريد أن تفعله فى الوقت لا يفوتك عمله فى غد. وقد


[١] . كذا فى الأصل: أن تثقف. والمثبت فى مد: أن تثفق. وفى مط: أن تنفذ. وثقف: حذق، وفهم بسرعة.
[٢] . فى مط: صحنا، بدل «صحا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>