للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحدثني أبو العبّاس ابن ندار [١] وجماعة من المحصّلين أنّ القوم بادروا إلى البلد ونادوا فيه وسكنّوا الناس وقالوا لهم:

- «لا منازعة بيننا وبينكم فى الدين وانما نطلب الملك وعلينا ان نحسن السيرة وعليكم حسن الطاعة.» ووافتهم العساكر من كل ناحية فكانوا يخرجون إليهم ويهزمونهم وكان أهل برذعة [٢] يخرجون معهم فإذا حملوا [٣] عليهم المسلمون كبّروا ورجموهم بالحجارة فكانت الروسية تتقدم إليهم بأن يضبطوا أنفسهم ولا يدخلوا بين السلطان وبينهم فيقبل أهل السلامة منهم خاصّة فأمّا العامة ومعظم الرعاع فكانوا لا يضبطون أنفسهم ويظهرون ما فى نفوسهم ويتعرضون لهم إذا حمل عليهم أصحاب السلطان.

فلمّا طال ذلك عليهم نادى مناديهم بألّا يقيم فى البلد أحد من أهله وأجلوهم ثلاثة أيام من يوم ندائهم فخرج كل من كان له ظهر يحمله ويحمل حرمه وولده وهم نفر يسير وجاء اليوم الرابع والأكثر مقيمون فوضعت الروسية فيهم سيوفهم فقتلوا خلقا عظيما لا يحصى عددهم وأسروا بعد القتل بضعة عشر ألف رجل وغلام [١٠٢] مع حرمهم ونسائهم وبناتهم وجعلوا النساء والصبيان فى حصن داخل المدينة وهي شهرستان القوم وكانوا نزلوه وعسكروا به وتحصنوا فيه. ثم جمعوا الرجال الى المسجد الجامع ووكلوا بأبوابه وقالوا لهم:

- «اشتروا أنفسكم» .


[١] . كذا فى الأصل ومد: ندار. وفى مط: بندار.
[٢] . برذعة: بلد بأقصى آذربيجان، وهو على ثلاثة فراسخ من نهر الكرّ (مراصد الاطّلاع) .
[٣] . حملوا: كذا. لعله من باب أكلونى البراغيث.

<<  <  ج: ص:  >  >>