للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخرق حتى صار الرسم جاريا بأن يخرب الجند إقطاعاتهم ثمّ يردّوها ويعتاضوا عنها من حيث يختارون ويتوصلون إلى حصول الفضل والفوز بالربح.

وقلّدت الإقطاعات المرتجعة من كان غرضه تناول ما يجده فيها ورفع الحساب ببعضه وترك الشروع فى عمارتها ثم صار المقطعون [١] يعودون إلى تلك الإقطاعات وقد اختلط بعضها ببعض فيستقطعونها بالموجود بعد تناهيها فى الاضمحلال والانحطاط.

وكانت الأصول تذوب على ممر السنين ودرست العبر القديمة وفسدت المشارب وبطلت المصالح وأتت الجوائح على التنّاء ورقّت أحوالهم فمن بين هارب جال وبين مظلوم صابر لا ينصف وبين مستريح إلى تسليم ضيعته إلى المقطع ليأمن شرّه وبوائقه [٢] .

فبطلت العمارات وأغلقت الدواوين وأمحى أثر الكتابة والعمالة ومات من كان يحسنها ونشأ قوم لا يعرفونها ومتى تولّى أحدهم شيئا منها كان فيه دخيلا متجلّفا. واقتصر المقطعون على تدبير نواحيهم بغلمانهم ووكلائهم فلا يضبطون ما يجرى على أيديهم ولا يهتدون إلى وجه تثمير ومصلحة ويقطعون أموالهم بضروب الإفساد واعتاض أصحابهم [١٣٨] مما يذهب من أموالهم بمصادراتهم وبالحيف على معامليهم.

وأنصرف عمّال المصالح عنها لخروج الأعمال عن يد السلطان ووقع الاقتصار فى عملها على أن يقدّر ما يحتاج إليه لها ويقسّط على المقطعين تقسيطات يتقاعدون بها وبأدائها وإن أدّوها وقعت الخيانة فيها فلم تنصرف إلى وجوهها.


[١] . فى مط: المقطوعون.
[٢] . بوائقه: كذا فى الأصل ومط. والمثبت فى مد: يوافقه، وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>