للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان قد قحط أهل البصرة بالمحاصرات التي لحقتهم فألزموا أن يزرعوا تحت النخل حنطة وشعيرا فلمّا فعلوا ألزموا عن كل جريب أربعين درهما فقصّروا فى العمارة، فجعل ما كان يرتفع عبرة عليهم واستوفى من ملّاك أرض العشر فتهارب الناس فزاد ذلك على من بقي.

فلمّا تقلّد أبو محمّد المهلبي وزارة معزّ الدولة ودخل البصرة وتظلّم إليه أهل البصرة من العبر التي جعلت عليهم فى أرضى الحنطة والشعير فوعدهم بكل ما أنسوا به.

ثمّ قرر أمرهم على أن يردّوا إلى رسمهم القديم فى أخذ العشر حبّا بعينه من غير ترييع [١] ولا تسعير ونظر فيما بين ذلك وبين ما يؤخذ منهم على تقريب فأشار على أرباب العشر أن يبتاعوا [٢] فضل ما بين المعاملة على الظلم والمعاملة على الإنصاف بثمن يرغب فيه معزّ الدولة عاجلا فيسهل عليه ما ينحطّ من الارتفاع مع ما يتعجّل له من المال ثم يضاف إلى ذلك ما يثمّره العدل وموقعه من قلوب الناس مع الرجاء فى المستقبل لزيادة الارتفاع.

فاستجابوا وتقرر الأمر بينهم على ألفى ألف درهم [١٧٠] ومائتي ألف درهم وكتب لهم بذلك وثيقة ثمّ حطّ من الجميع عن الضعفى مائتي ألف درهم وكتب إلى معزّ الدولة بأنّ فى ذلك حظا وصلاحا ووفورا فى ارتفاع الناحية فى المستقبل فحسن موقع فعله من معزّ الدولة فأمضاه.

وحضر البصريون فاشهدوا على المطيع لله بالبيع وسجّلوا بالابتياع ونسب المبتاع إلى فضل ما بين المعاملتين فى العبر فعمر الناس وتضاعف الارتفاع للسلطان وزال عن البصرة تلك الرسوم وصار يرتفع عن المراكب ما يعدل


[١] . ترييع: كذا فى الأصل. فى مط: ترييع، كما هو المثبت فى مد.
[٢] . فى مط: أن يتنازعوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>