للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فتبسّم وقال:

- «يا أبا الفضل قد سبقتك إلى ما أشرت به.» وجرى فى هذا الباب ما يجرى مثله من النذور [١] وصدق النيّة، وبتنا تلك الليلة على حالنا. فلمّا كان فى الثلث الأخير من الليل جاءتني رسله متقاطرة فصرت إليه وهو مسرور قوىّ النفس بخلاف ما عهدته وقال:

- «يا أبا الفضل أنت تعرف مناماتى وصدقها وقد رأيت ما أرجو أن يكون تأويله قريبا غير بعيد.» قلت: «وما ذاك.» قال: «رأيت كأنّى على دابّتى المعروف بفيروز وقد انهزم عدوّنا وأنت تسير إلى جانبي وتذكر لى نعمة الله علينا فيه وأن الفرج جاءنا من حيث لا نحتسب. فبينا نحن فى هذا الحديث وشبهه حتى مددت عيني بين غبرة الموكب إلى الأرض فرأيت خاتما يتلألأ قد سقط إلى الأرض عن صاحبه بين التراب فقلت [١٨٩] للركابى الذي بين يدي: يا غلام هات ذاك الخاتم.

فتطأطأ ورفعه إلىّ فإذا خاتم فيروزج فأخذته وجعلته فى اصبعى السبّابة وتبرّكت به وانتبهت وقد تفألت به وأيقنت بالظفر.» وذاك أن الفيروزج معناه الظفر إذا عرّب وكذلك لقب دابّته الذي رآه فيروز.

قال أبو الفضل ابن العميد رحمه الله:

فو الله ما أضاء الصبح حتى جاءنا الخبر والبشرى بأنّ العدوّ قد رحل فما صدّقنا به ولا التفتنا إليه حتى تواترت الأخبار وعبر سرعان الخيل وعادوا إلينا مستبشرين فقمنا حينئذ وركبنا متعجّبين لا نعرف سبب هزيمته حتى


[١] . كذا فى الأصل: النذور. وفى مط: الدور. والمثبت فى مد: الندور.

<<  <  ج: ص:  >  >>