للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شتيمته [١] نسبك إلى الاستهانة به فيزيد ذلك فى ضرره عليك، فإن أظهرت الانخزال والاستكانة حتى يبلغه تحرّسك وانقباضك كان أحرى أن يقصّر ويندم ولا يشتّم على عادته معك وغضبه منك.» فقال له أبو محمد المهلبي:

- «ما يذهب علىّ ما تقول ولكن هذا أمير خرق عجول لا يملك لسانه، فإن ذهبت أظهر الاستيحاش من هذياناته وقع له أنّى قد تنكّرت له وأنّى لا أناصحه وأنّه يتّهمنى بما لا يدور فى فكرى فيكون سببا لجائحة ونكبة وليس له غير التغافل والتبسم [١٩٥] فى وجهه إذا أمكن فإن لم يمكن ذلك خوفا من غضبه فليس إلّا قلّة الفكر فيه فكان الأمر على ذلك.» وحدّثنى أبو بكر ابن أبى سعيد رحمه الله: انّ معزّ الدولة وقت مقامه بالبصرة وهزيمته للبريدى افترى على المهلّبى وذكر حرمه [٢] وأفحش عليه وكان المافرّوخى حاضرا فلمّا انصرفنا من عنده قال لى المافرّوخى:

- «قد ساءني أن أجرى هذا الفحش القبيح بحضرتى على الوزير فكيف الطريق إلى تسليته؟» وإنّما أراد ألّا يتهمه [٣] بالشماتة ولا يراه بعين من علم استهانة الأمير به.

فقلت: «الإمساك فى مثل هذا أولى من الكلام.» فأمسك أيّاما لا يركب إليه إلّا مع الناس وقت الاذن ثم اتّفق أن دخل المافرّوخى وأنا معه لمهمّ فوجدناه واجما مطرقا فقال المافرّوخى:

- «أرى الوزير واجما فهل تجدّد أمر؟» فقال: «ويحك أنّى أرى الأمير منذ أيام قد أمسك عمّا كان يتعاهدنا به


[١] . فى مط: شبهته.
[٢] . حرمه: كذا فى الأصل ومط. والمثبت فى مد: جرمه، وهو خطأ.
[٣] . فى مط: ألّا تتهمه ... ولا تراه.

<<  <  ج: ص:  >  >>