للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيرى مات وقد كان هلك العظماء وأهل بيت كسرى بما أفناهم شيرى، وبغزوات خالد للعظماء، وتفرّغ أبو بكر للشام، وكان أمر خالدا ألّا يقتحم على الفرس، لأنّ مسالح لهم كانت من وراء المسلمين. فخشي أن يؤتوا من ورائهم، وقد كان المسلمون أشرفوا على الهلاك بالشام لكثرة جنود الروم.

فكتب أبو بكر إلى خالد يأمره أن يستخلف على جنده، ويسير في عدد وافر إلى إخوانه المسلمين بالشام. ولما اهتمّ بأمر الشام كتب إلى عمرو بن العاص، وإلى الوليد بن عقبة، وكانا على عمل من الصدقات. أمّا عمرو فكان على صدقات هذيم وعذرة ومن لفّ لفّها. وأمّا الوليد فكان على النصف من صدقات قضاعة. فكتب أبو بكر إليهما يرغّبهما في الجهاد ويخيّرهما بين أعمالهما وما ندبهما إليه، فكتبا بإيثار الجهاد، فكتب [٣٠٩] أبو بكر بأن يندبا من يليهما، ويستخلفا على أعمالهما.

ثم ندب أبو بكر من كان اجتمع إليه، وقوّى بهم عمرا، وأمّره على فلسطين وأمره بطريق سمّاها له. وولّى الوليد الأردن، وأمدّه ببعض من كان اجتمع إليه.

ودعا يزيد بن أبى سفيان فأمّره على جند عظيم هم جمهور من انتدب له، وفي جنده سهيل بن عمرو، وأشباهه. واستعمل أبا عبيدة وأمّره على حمص مع جند [١] .

وكان قد قدّم خالد سعيد بن العاص، وأمره أن يأتى تيماء، ويقيم بها، فلا تتجاوزها، وينتدب إليه من حوله ويتقوّى به، حتّى تأتيه الجنود. وسمى ليزيد بن أبى سفيان دمشق، ولشرحبيل بن حسنة الأردن.

فتوافى الجند أطراف الشام مع الأمراء الأربعة، وهم سبعة وعشرون ألفا. وأمّر أبو بكر معاوية وشرحبيل على ثلاثة آلاف، وكان عكرمة بن أبى جهل ردءا [٢]


[١] . مط: جنده.
[٢] . الردء: الذي يتبع غيره معينا له. قال تعالى: فأرسله معى ردءا يصدّقنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>