للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موكبه أحدا وسأل عن الخبر فلم يجد حاجبا يخبره ولا من جرت العادة بمسايرته غيرى فسألنى عن الخبر فقلت له:

- «إنّ الجماعة بأسرهم مالت مع أبى الفتح إلى الصيد.» فأمسك حتى نزل فى معسكره ثم سأل عمن جرت العادة باستدعائه للطعام وكان يحضره كل يوم عشرة من القوّاد على مائدته التي تخصّه وعدّة من القوّاد على أطباق توضع لهم وذلك على نوبة معروفة يسعى فيها نقباؤهم.

فلمّا كان فى ذلك اليوم [٣٤٧] لم يحضره أحد واستقصى فى السؤال فقيل:

- «إنّ أبا الفتح أضافهم فى الصحراء.» فاشتطّ من ذلك وساءه أن يجرى مثل هذا ولا يستأذن فيه.

وقد كان أنكر خلوّ موكبه وهو فى وجه حرب ولم يأمن أن يستمر هذا التشتت من المعسكر فتتمّ عليه حيله. فدعا أكبر حجّابه ووصّاه بان يحجب عنه ابنه أبا الفتح وأن يوصى النقباء بمنع الديلم من مسايرته ومخالطته وظنّ أنّ هذا المبلغ من الإنكار سيغضّ منه وينهى العسكر من اتباعه على هواه فلم يؤثّر كلامه هذا كبير أثر.

وعاد الفتى إلى عادته واتّبعه العسكر ومالوا معه إلى اللعب والصيد والأكل والشرب وكان لا يخليهم [١] من الخلع والألطاف. فشقّ ذلك على الأستاذ الرئيس جدّا ولم يحبّ أن يخرق هيبة نفسه بإظهار ما فى قلبه ولا أن يبالغ [٢] فى الإنكار وهو فى مثل ذلك الوجه فيفسد عسكره ويطمع فيه عدوّه. فدارى أمره وتجرّع غيظه، وأدّاه ذلك إلى زيادة فى مرضه حتى هلك بهمذان وهو يقول فى مجلس خلواته:

- «ما يهلك آل العميد ولا يمحو آثارهم من الأرض إلّا هذا الصبى.»


[١] . فى مط: يحيلهم.
[٢] . فى مط: أبالغ.

<<  <  ج: ص:  >  >>