للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على يده فى استيفاء أموال تسبيباته من الوكالة، فوفى له وكان يحمل إليه هذا المرفق الذي ذكرته مشاهرة. ثم أنس به فى خلواته ومجالس لهوه وانبسط إليه بأنواع من المزاح [٣٦٣] كان يستعملها فى مجالسه مع ندمائه.

فلطف موقفه ودخل معه كلّ مدخل.

ثم صار يهاديه بالخيل والبغال والجوارح والألطاف والجواري والعبيد ودخل فى جلالة العزّ فعرض جاهه عنده حتى صار يتوسط بينه وبين كل رافع ظلامة وطالب حاجة. فلمّا أفضت هذه الوزارة الثانية التي نحن فى ذكرها إلى أبى الفضل كان ابن بقية قد استولى غاية الاستيلاء وصار فى مثل منزلة شيرزاد اختصاصا ومنزلة وغلبة على أمره واحتاج [١] الوزير أبو الفضل إليه ليحفظ غيبه وانحدرت الجماعة إلى واسط لحرب عمران.

واستدعى الوزير أبو الفضل أبا الفرج محمد بن العباس إلى واسط وكان معتقلا بالبصرة وأخذ خطه بمال عظيم لا ينهض به وأنفذه إلى بغداد ليصححه هناك وكذلك فعل بأخيه أبى محمد فجرى عليهما ببغداد أمر قبيح يجرى مجرى التشفي من غير ضرب ولا مكروه فى الجسم بل بضروب من الاستخفاف والإهانة والإسماع فتم لهما الهرب واستترا عند بعض أسباب سبكتكين.

فعادت الوحشة بين أبى الفضل وبين سبكتكين واتهم بأنّه يسفر له فى العود إلى الوزارة وألجأته الحال إلى مطالبة عزّ الدولة بختيار باليمين الغموس على ألّا يستوزره أبدا ولا يستعين به فى شيء من الأعمال إن لم يظهر بعد شهر من تاريخ اليمين [٣٦٤] فحلف له عزّ الدولة بحضرة القوّاد والقضاة والشهود ووجوه الحاشية وكان فى اليمين كل ما يكون فى أيمان البيعة ولقّنه


[١] . كذا فى مط. ومد. وما فى الأصل يمكن أن يقرأ (اجتاح) .

<<  <  ج: ص:  >  >>