للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إنّ عابدا أنفذ أخاه فى سريّة قوية خلفهم وسار هو فى باقى الجيش من طريق آخر إلى بلادهم التي يأوونها إلى جبال البارز ففتحها [١] عنوة واستنزل عنها محمد بن علىّ البارزى وظفر بصهره أبى دارم وقد كانوا أنفذوا طلائع لهم وعيونا ليأتيهم بالأخبار فنذر بهم وقبض على جماعتهم فلم يرجع إليهم مخبر منهم.

فكانوا ساكنين غارّين إلى أن أطلّ الجيش فى الموضع الذي ظنّوا أنّهم آمنون فيه فلم يجدوا مهربا ولا معدلا عن المجاهدة، فثبتوا سحابة [٣٨١] يوم الإثنين لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأول سنة إحدى وستّين وثلاثمائة، منذ طلوع الشمس إلى غروبها. ثم انجلت الوقعة عن قتل الرجال المقاتلة إلّا القليل وعن الاحاطة بحرمهم وذراريّهم وأملاكهم ونجا فى الوقت رئيسهم المعروف بابن أبى الرجال البلوصى مع جماعة من الوجوه ثم ظفر بهم من بعد فقتلوا جميعا ودخل نفر يسير ممن بقي تحت الأمان وتشبثوا بالعهد والذمام فنقلوا عن تلك الجبال. وأسكن عضد الدولة مكانهم الأكرة المزارعين والمستورين من أجناس الرعية حتى طبّقوا تلك المواضع بالعمارات وطهرت تلك الجبال من معرّة أولئك المفسدين.

ثم عاد عابد بن علىّ إلى الامة المعروفة بالجاشكية [٢] ومن يجرى مجراها من الدعّار وكانوا وراء جبال القفص مما يلي التيز ومكران والسواحل إلى حدود عمان ولهم معرّة شديدة وفساد كثير وجنايات عظيمة على الناس وأنفذ عابد أخاه فى عسكر قوى من الديلم والأتراك والعرب وغيرهم وحمل معه الزاد على الجمازات فى البرّ وعلى الشذاآت والمراكب فى البحر من سيراف إلى مكلّى هرموز وسواحل كرمان فقطع عدّة مضايق


[١] . فى الأصل «من فتحها» . وفى مط: النادر (بدل «البارز» من فتحها.
[٢] . فى مط: الجاسكية.

<<  <  ج: ص:  >  >>