للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو فى هذه السيرة متشبه بأهل الشطارة والفتاك والدعار وليس يسلك طريقة أهل الكرم والرياسة ولما أشار عليه هذان بالدخول فى الوزارة والقبض على أبى الفضل قبل أن يسبقه إلى ذلك، دهش وعلم أنّه يعجز عمّا أشارا به عليه.

ذكر كلام سديد لابن بقيّة فى تلك الحال

إنّه أجابهما بأن قال:

«لا صناعة لى ولا توجّه فيما تدعوانى إليه ولى عند صاحبي منزلة كبيرة تحتاج الوزراء إلىّ معها وأخاف أن أدخل فيما ليس من عملي واتهجّن ويقدح فى منزلتي وأحطّ عنها من غير أن أنتفع بالوزارة.» فشجّعاه وجسّراه، وضمن له محمد بن أحمد الجرجرائى أن يخلفه [١] ويكفيه العمل كله ثم صارا إلى سبكتكين الحاجب وذكراه بأفعال الوزير أبى الفضل وحملاه على الشروع فى صرف أبى الفضل ونكبته فقال لهما:

- «إنّى لم أزل معتقدا لذلك وإنّما كان توقفى عنه طلبا لمن يقوم مقامه ويسدّ مسدّه. إذ كان محمد بن العباس [٢] قريب العهد بالصرف ولم يكن مرضيّا فى وزارته ولا [٣٩٤] ناهضا بها وقد حفظت على الأمير بختيار أيمان البيعة بأن لا يقلّده وزارته.» فخاطباه فى تقليد ابن بقيّة وضمنا عنه أن ينهض ويغنى ويكفى وأنّهما يعضدانه ويشدّان منه فى التدبير والنظر فى الأمور. فاستروح سبكتكين إلى ذلك وجمع به التشفي من أبى الفضل وفساد أمر بختيار، وتجشّم احتمال الغضاضة فى توفية محمد بن بقية حقوق الوزارة بعد أن لم يكن ممن يجوز


[١] . كذا فى الأصل ومط: يخلفه. والمثبت فى مد: يخفه.
[٢] . يعنى ابن فسانجس الوزير.

<<  <  ج: ص:  >  >>