للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للعود ثم فكر فى العواقب فانكفأ على مضض ورحل وقد ظهر للناس ما كان همّ به الا أنّه ما فعل ولو همّ وفعل لكانت فرصة عجيبة وكان لا يمتنع عليه شيء من التدبير الذي ذكرناه.

ثم جدّ سبكتكين وابن بقيّة وسائر الجند فى المسير مصعدين وقد كان بختيار حين عرف خبر رجوع أبى تغلب إليه جمع إليه أطرافه وردّ قواده من النواحي التي كان فرّقهم فيها وخاف خوفا شديدا وعبّى مصافّه فى الموضع المعروف بالدير الأعلى من ظاهر الموصل وقرب أبو تغلب ونزل أسفل الحصباء [١] على حالة الأهبة والتعبئة ولم يبق بينهما فى المسافة إلّا طول قصبة الموصل فقط وأحجم كل واحد عن صاحبه وعن المناجزة الّا أنّ أبا تغلب كان الأظهر لكثرة عدده وتعصّب أهل الموصل له.

وخاض الناس بينهما فى حقن الدماء وتتميم الصلح الذي تقدم ذكره فاشتطّ أبو تغلب فى الحكم والتمس النقصان والحطيطة وطالب بتسليم زوجته بنت بختيار إليه وأن يلقّب لقبا سلطانيا. فأجابه بختيار إلى ذلك كلّه تفاديا من اللقاء.

وجرى كلام فى معنى حمدان وأن يفرج عن ضياعه وأملاكه [٤٠٥] بغلّاتها وعن القلعة المفردة له المسماة وهي قلعة ماردين. وكانت هذه القلعة مسماة لحمدان ومفردة له منذ أيام أبيه وقد رتّب أخاه من أمّه مع ثقات له فيها فاحتال أبو تغلب على هذا الأخ حتى رغب فى مال يتعجله وخان أخاه وسلّمها.

فامتنع أبو تغلب من ذلك كله ولم يدخل فى شرائط الصلح شيئا منه وكان غائبا عن هذا الأمر وحاصلا ببغداد مع سبكتكين الحاجب. فضعف بختيار


[١] . والمثبت فى مد: الحصبا. (دون الهمزة)

<<  <  ج: ص:  >  >>