للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغناء، وتشوّقا إلى اللقاء فراسلهم عضد [٤٣٠] الدولة ونهاهم فلم ينتهوا على ما اعتادوه من الاستبداد حتى لحّجوا [١] واستجرّهم الأتراك حتى صاروا بالبعد من العسكر فعطف الأتراك عليهم وقتلوا خلقا منهم وتابعوا [٢] الحملات عليهم وأكثروا النكاية فيهم فحينئذ عرفوا الخطأ الذي ركبوه وأنفذ عضد الدولة طائفة من الرجال إليهم فلم يغنوا عنهم وحصلوا فى مثل حالهم.

فلمّا رأى ذلك زحف على نظامه وهيأته حتى اتصلوا بهم بعد أن أشرفوا على الهلاك. فلمّا قرب من جمرة القوم ومجتمعهم حمل عليهم فلم يثبتوا واستأمن بعضهم وحكم السيف فى الباقي فقتل خلق منهم وألجأتهم الهزيمة إلى تلك الجسور التي عقدوها على ديالى فازدحموا عليها وأرهقهم الأمر فهلك منهم ومن العيّارين الذين وازروهم بالقتل والغرق خلق كثير وركب عسكر عضد الدولة أكتافهم وعبروا تلك الجسور على آثارهم فاستباحوا عسكرهم وسوادهم وألقوا النار فى خيمهم وخركاهاتهم وأدركهم الليل فبات هؤلاء وهرب أولئك لا يلوى أحدهم على صاحبه.

وأنفذ عضد الدولة فى ساعة الفتح بشيرا إلى بختيار وذلك يوم السبت لأربع عشرة ليلة خلت من جمادى الاولى سنة أربع وستّين وثلاثمائة وأقام على ظاهر [٤٣١] المدينة إلى أن عرف خبر الأتراك ثم دخل المدينة فى أحسن زىّ وعدّة وطواه متجاوزا إلى باب الشماسية وبختيار يسير بإزائه ويعسكر بحياله وأقام بموضعه إلى أن بعد الأتراك وورد عليه خبرهم من تكريت وأنّهم وصلوا إليها على حال قبيحة من التقطع والتمزق واختلاف الكلمة فحينئذ انثنى الى النزول فى داره. واشتغل قلبه بالطائع لله وحصوله مع الأتراك وتصرّفه على ما يحبون والتنقل معهم فبث إليه رسله وقد كان راسله


[١] . لحّجوا: النقطة غير واضحة فى الأصل، وواضحة فى مط.
[٢] . وتابعوا: الكلمة ساقطة فى مط.

<<  <  ج: ص:  >  >>