للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طول غيبته في ما بينهم. وكانت بوران دعت رستم، وشكت إليه تضعضع فارس، ودعته إلى القيام بأمرهم، وتوّجته.

فقال رستم: «أنا عبد سامع مطيع.» فولّته أمر فارس وحربها، وأمرت فارس أن يسمعوا له ويطيعوا. فقتل رستم سياوخش، ودانت له الفرس، وذلك بعد قدوم أبى عبيد.

ثمّ إنّ عمر [٣٣١] لما فصل المثنى وأبا عبيد [١] ، استعجلهما، وقال لهما:

- «النجا، النجا، بمن معكم، فإنّى ممدّكم بالناس.» ثمّ ندب أهل الردّة، وأذن لهم في الغزو، ورمى بهم العراق والشام.

فقدم المثنى قبل أبى عبيد بنصف شهر، ونزل خفّان [٢] لئلّا يؤتى من خلفه بشيء يكرهه. وكتب رستم إلى دهاقين السواد: أن يثوروا بالمسلمين. ودسّ في كل رستاق رجلا ليثور بأهله. وبلغ ذلك المثنى، وعجل جابان، وكان اجتمع إليه بشر كثير، بالنمارق [٣] ، ولحق أبو عبيد، فأجمّ الناس، ثم تعبّى: فجعل المثنى على الخيل، وعبّى الميمنة والميسرة. فنزلوا على جابان بالنمارق، فقاتلهم قتالا شديدا، ثمّ انهزم جابان، فأسر. فكان آمنه من أسره، فخلّى عند أبو عبيد. فأخبروه أنه ملك. فأشاروا بقتله. فأبى أبو عبيد، وقال:

- «إنّ المسلمين في التوادّ والتناصر كالجسد الواحد، ما لزم بعضهم فقد لزم كلّهم.» قالوا: «إنّه ملك.» قال: «وإن كان، لا أغدر.» فتركه، وقسم الغنائم، وكان فيها مال وعطر [٣٣٢] كثير، وبعث بالأخماس إلى


[١] . في الأصل: «أبو عبيد» وما أثبتناه يوافق مط.
[٢] . خفّان (بالفتح والتشديد) : موضع قرب الكوفة، فوق القادسية (مع) .
[٣] . النمارق: موضع قرب الكوفة (مع) .

<<  <  ج: ص:  >  >>