للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغنائم. وهناك رأى المسلمون من الأطعمة ما لم يروا مثله، وأخذت خزائن نرسى. فلم يكونوا بشيء أفرح منهم بالنّرسيان. لأنّه كان حمى، فاقتسموه، وجعلوا يطعمونه الفلاحين، وبعثوا بخمسه إلى عمر، وكتبوا إليه:

«إنّ الله أطعمنا مطاعم كان الأكاسرة يحمونها، وأحببنا أن تروها، وتشكروا إنعام الله وإفضاله.» وأقام أبو عبيد، وسرّح المثنى إلى باروسما، وعاصما إلى نهر جوبر. فأخربوا، وسبوا، وهرب ذلك الجند إلى الجالنوس. وسار أبو عبيد واستقبله الجالنوس، فنهد إليه أبو عبيد في المسلمين على تعبئته. فهزمهم المسلمون، وهرب الجالنوس، وأقام أبو عبيد [١] قد غلب على تلاك البلاد.

ولما رجع الجالنوس إلى رستم ومن أفلت معه قال رستم:

- «أىّ العجم أشدّ على العرب؟» قال: «بهمن جاذويه.» وهو ذو الحاجب. فوجّهه ومعه فيلة، وردّ معه الجالنوس، وقال له:

- «قدّم الجالنوس، فإن عاد لمثلها [٣٣٤] فاضرب عنقه.» فأقبل بهمن جاذويه ومعه «درفش كابيان» . وكانت من جلود النمر، عرض ثماني أذرع، وطول اثنى عشر ذراعا. وأقبل أبو عبيد، ونزل المروحة موضع البرج والعاقول.

فبعث إليه بهمن جاذويه: «إمّا أن تعبروا إلينا وندعكم والعبور، وإمّا أن تدعونا نعبر إليكم.» فقال الناس: «لا تعبر يا با عبيد [٢] ! ينهاك عن العبور، قل لهم: فليعبروا!» وكان من أشدّ الناس عليه في ذلك سليط.


[١] . كذا: قد غلب بدون «و» كما في الطبري أيضا (٤: ٢١٧٢) .
[٢] . كذا في الأصل ومط، وفي الطبري: يا أبا عبيد (٤: ٢١٧٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>