للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مال فامتنع عضد الدولة وقال:

- «إنّا إذا ملكنا ناحية بالسيف وبعد الحرب والمقارعة لم نصالح عليها.» وتشدد فى ذلك حتى صرح لرسله بأنّ الموصل وديار ربيعة أحبّ إليه من العراق وأنّه ليس يبيعها أبدا.

وكانت الموصل وأكثر أعمالها ملكا لأبى محمد ناصر الدولة وكان رسمه أن يضايق أصحاب المعاملات من التّناء وأصحاب العقار من أهل البلد ويخاشنهم ويتأول عليهم حتى يلجئهم إلى البيع ويشترى [٤٨٦] أملاكهم بأوكس الأثمان وطالت حياته وامتدت أيامه حتى استولى على الناحية ملكا وملكا.

فلما صار جميع ذلك فى قبض عضد الدولة لم يفرج عنها وطلب أبو تغلب وأسريت إليه السرايا فلم يمكنه المطاولة ولا أن يسير بسيرته التي حكيناها فيما تقدم، فسار إلى نصيبين وسيّر عضد الدولة خلفه أبا الوفاء طاهر بن محمد على طريق سنجار.

كان فى جملة من انهزم معه المرزبان بن بختيار ووالدة بختيار وابناها أخوا بختيار ومن أفلت من وقعة قصر الجصّ. فلمّا لحقهم أبو الوفاء نهضوا منهزمين إلى ميافارقين ثم افترقوا.

فأمّا والدة بختيار وأخواه وابنه ومن نهض معهم من أسبابهم وبقية الديلم والأتراك المرسومين بهم فإنّهم ساروا إلى دمشق لائذين بألفتكين المعزى [١] وهو الذي حارب عضد الدولة بديالى وانهزم من بين يديه. فلمّا بلغه مسير أولاد مولاه وحرمه وأسبابه إليه تلقّاهم وقضى حقوقهم، وظنّ أنّه يتكثر بهم ويزيد فى عدته بمكانهم ويتقوى بهم، فجرى الأمر بالضد وذاك أنّه لما انهزم


[١] . فى الأصل ومط: المغربىّ، بدل «المعزّى» ، والتصحيح من مد.

<<  <  ج: ص:  >  >>