للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحسن ابن عمارة العارض نفسه- وقال لى [١] :

- «أحضر فلانا القائد الذي دعا الديلمي الوارد من ديلمان.» فأحضرته وعرّفته حضوره، فقال:

- «اخرج اليه وقل له: ليس يكفيك بطرك بالنعمة الخالصة لك وتشاغلك بالتترّف عن الجندية وشروطها حتى تريد أن تفسد عسكرنا علينا وتعمل الدعوات وتظهر الزينة. الآن قد ندبناك للخروج الى البلد الفلاني فتأهّب واخرج.» [٦٨] قال: «فلما أوردت عليه هذا القول قبّل الأرض وتنصّل وكاد يموت، وانصرف على عزم الخروج.» ثمّ رسم بعد ذلك إحضار الديلمي الوارد من ديلمان، فلمّا حضر أمر أن يفرش له بساط منجرد ويطرح عليه صدر مثله وثلاث مخادّ مخلقة ولبس جبّة رثّة وعمامة شهجانى [٢] وجلس وأوصل الديلمي وتشاغل عنه ساعة، الى أن علم أنّه قد شاهد فرشه وثيابه وسأله عن حاله وخاطبه خطاب مؤانس له:

- «أراك يا فلان تتأمّل فرشنا وثيابنا ولعلك تقول- كيف يقنع ملك الدنيا بهذا؟ نعم إنّ الشرف والجمال بالأصول والأفعال والمواقف فى التدبير والحروب، والثياب الحسان والترفّه، والنعمة للنساء والمخانيث، وتالله إنّ الرجل ليدخل علىّ وهو متصنّع متعمّل، فأتصور أنّه فارغ عاطل، ويدخل وهو مقتصد مسترسل، فأراه بصورة من له نفس وهمّة.» ثمّ حادثه بعد ذلك ساعة وانصرف. [قال] وعاد الكاتب فقال له عضد


[١] . وفى الأصل: له.
[٢] . قال الثعالبي فى لطائف المعارف (١١٩) : قد بقي الى الآن اسم الشاهجانى على الثياب الرقيقة، فإنّها كانت تجلب من مرو شاهجان.

<<  <  ج: ص:  >  >>