للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- «أما الطاعة فأنا ألزمها، وأما الدخول الى الباب فما جرت لى عادة به.» فلم يزل يراوضه وهو مقيم على أمره فيما بذله وامتنع عنه. وعوّل ابن الباهلي على اغتياله وواقف فراشا كان معه على ذلك، وطلب الغرّة فوجدها عند رواح الجمال والبقر والغنم، فإنّ الصياح يكثر والرجال والنساء مشغولون بإبلهم ومواشيهم وضمّها إلى [٨٣] بيوتهم وحلب ألبانها فعمل على فعل ما يريد فعله فى هذا الوقت واستأذن على داود فى بعض العشايا وحضر عنده وأخذ فراشه معه- وقد خرج اليه بسره- ورسم له أن يمسك داود إذا خلا مجلسه وغمزه بعينه واستصحب سكّينا ماضية فى كمّه.

وراحت الإبل والمواشي فارتجّت الحلّة بأصواتها وضوضاء الناس وحادثه ساعة ثم غمز الفراش فوثب وأخذ يدي داود ومسكهما وضربه ابن الباهلي بالسكّين فى صدره وكرر ذلك حتى أصاب مقتله وخرج غير عجل ولا مضطرب والفراش خلفه طالبا للصحراء والعبد عن البيوت كأنّه قاضى حاجة وقد أعدّ له وللفراش [١] فرسين فركباهما وسارا سيرا رفيقا حتى أوغلا فى الصحراء ثم حثّا وعدلا عن طريق الموصل وتعسفا الطريق الى برقعيد [٢] ونزلا منها الى دجلة وانحدرا فى سفينة.

ودخل أصحاب داود عليه بعد ساعة فوجدوه طريحا قتيلا ولم يجدوا ابن الباهلي فعلموا أنّ الفعل له. ومضى قوم من الفرسان يتبعون أثره فى الطريق المؤدية الى الموصل فلم يجدوه فأخذ من كان معه من كان معه من الحمدانية فقتلوا صبرا، ومضت على ذلك السنون وقتل ابن الباهلي بالكوفة قتله بنو عقيل. [٨٤]


[١] . ولعلّه: الفرّاش، بدل «وللفرّاش» .
[٢] . برقعيد: بليدة فى طرف بقعاء الموصل من جهة نصيبين (مراصد الإطلاع) .

<<  <  ج: ص:  >  >>