للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخرج أمثالهم من أهل فارس، فاعتوروا الضرب والطعن. وخرج هرمز إلى غالب بن عبد الله- وكان هرمز من ملوك الباب متوّجا- فأسره غالب أسرا، وجاء به إلى سعد، فأدخل، وانصرف إلى المطاردة. فبينا الناس ينتظرون التكبيرة الرابعة، قام صاحب رجّالة بنى نهد، فقال:

- «يا بنى نهد، إنّما سمّيتم نهدا لتفعلوا.» فبعث إليه سعد خالد بن عرفطة:

- «والله لتكفّنّ، أو لأوّلينّ عملك غيرك.» ولما تطاردت الفرسان خرج رجل ينادى:

- «مرد ومرد» . [١] فانتدب له عمرو بن معدى كرب، فرماه الفارسي بنشّابة، فما أخطأت سئة [٢] قوسه- وكان متنكّبها- فحمل عليه [٣٥٦] عمرو، فاعتنقه، ثم أخذ منطقته فاحتمله فوضعه بين يديه. ثم جاء به حتى إذا دنا منّا كسر عنقه، ثم وضع سيفه على حلقه فذبحه، ثم ألقاه.

ثم قال: «أنا هكذا، فاصنعوا بهم، إنّما الفارسي إذا فقد قوسه تيس!» فقلنا: «يا با ثور [٣] من يستطيع أن يصنع كما تصنع؟» وخرج إلى طليحة عظيم منهم، فبارزه، فما لبّثه طليحة أن قتله. وقام الأشعث بن قيس، فقال:

- «يا معشر كندة! لله درّ بنى أسد، أىّ فرى يفرون [٤] ، وأىّ هذّ يهذّون!» وكذلك كانوا، لأنّهم حبسوا الفيلة بالضرب والطعن.


[١] . كذا في مط والطبري. مرد: رجل. أى: رجل ورجل [يتبارزان] .
[٢] . الأصل غير واضح. وفي مط: سئة. والعبارة في الطبري (٥: ٢٢٩٧) : فما أخطأت «سية» قوسه «وهو» متنكبها. سئة القوس وسؤتها: طرفها المعطوف المعرقب (لع: «سأى» .)
[٣] . أى: يا أبا ثور.
[٤] . مط: أىّ فرّ يفرّون، وأىّ هدّ يهدّون.

<<  <  ج: ص:  >  >>