للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرأى قبل شجاعة الشّجعان ... هو أول وهي المحلّ الثّانى

فإذا هما اجتمعا لنفس مرّة ... بلغت من العلياء كلّ مكان [١]

وقد كان بدر جامعا لهذه الخلال الحميدة والأفعال الرشيدة. فإنّه ساس قومه وهم البرزيكان [٢] شرّ طائفة فى ظلمهم وعداوتهم وبغيهم وطغيانهم سعيا فى الأرض بالفساد وقطعا للسبل واستباحة للأموال وسفكا للدماء [٣] ، ولى عليهم وقد استولوا على تلك الأعمال يسومون أهلها سوء العذاب ويذيقونهم مرارات البلاء والعقاب، على طريقة من قال الله تعالى فيه: «وَإِذا تَوَلَّى سَعى في الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَالله لا يُحِبُّ الْفَسادَ ٢: ٢٠٥ [٤] .

فداوى داءهم وكفّ بلاءهم واستدنى من الأكراد من كانوا ضدّا لقومه، فاستعان بهم عليهم فطهّر الأرض من ظلمهم غير مبق على آصرة ولا ملتفت إلى رحم متشاجرة، فبدّد شملهم وفرّق جمعهم.

[ذكر مكيدة عملها بدر لقومه [٤٠٩]]

قيل: إنّه طالت أسباب الفساد وكاد الحرث يبطل فى تلك البلاد. عمل سماطا وأمر بأن يقدم عليه من جميع الألوان المطبوخة باللحمان- وكانوا أصحاب أغنام- وأن لا يترك على السماط خبز بتّة، ثم أحضرهم فجلسوا وأيديهم لا تصل إليه توقّعا للخبز. فلمّا طال الأمر بهم قال لهم:


[١] . ورد البيتان فى ديوان المتنبي طبع برلن ١٨٦١ ص ٥٩٤ (مد) . وشرح البرقوفى ٤: ٣٠٧.
[٢] . وفى الأصل: البربرمكان.
[٣] . والمثبت فى مد: واستباحة الأموال وسفك الدماء.
[٤] . س ٢ البقرة: ٢٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>