للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكابر الديلم مشاة فلا يرى أن يترجّل وبهاء الدولة يراه وينفطر غيظا منه.

ومنها أنّه أنفذ إليه بعض خواصه فى ليلة نيروز يلتمس منه ثلاثة آلاف درهم فقال للرسول:

- «لأىّ حاجة يريدها، للخبز أو للحم أم للشعير؟» فقال له الرسول:

- «أيّها الوزير لا يحسن أن يكون جواب الرسالة غير حمل الدراهم.» فقال له:

- «ما ههنا مال.» وخاف الرسول أن تجرى منافرة يكون هو سببها فحمل الدراهم من ماله وعرف بهاء الدولة ذلك من بعد.

فانظر إلى عجب الزمان وتقلّب الأعيان: هذا أبو على هو الرجل الذي تكلّف واستدان وحمل إلى بهاء الدولة من بغداد ما امتنع من حمله ابن عمر وابن صالحان، فقربت من قلبه منزلته وعلت لديه درجته ورتبته، ثم ينتهى الأمر به إلى أن يطلب منه بهاء الدولة فى ليلة نيروز هذا القدر النزر مع اتساع حاله وتبذّخه على الديلم بعطائه ونواله فيمنعه. هل ذلك إلّا لحادث قد يغطّى على كل بصر وبصيرة؟ [١] فشتان بين ابتداء السعادة وانتهائها لقد أحسنت أيامه فى إقبالها وأساءت فى انفصالها والخبر المأثور مشهور: إذا أقبلت الدنيا على قوم كستهم محاسن غيرهم، وإذا ولّت عنهم سلبتهم محاسن أنفسهم.

وكان أبو غالب ابن خلف فى خلال هذه المضايقات يحول إلى بهاء الدولة الدنانير الكثيرة فى الأوقات [٤٦٨] المتفرقة سرّا فتمهدت له بذلك حال


[١] . والمثبت فى مد: على كلّ بصيرة وبصير.

<<  <  ج: ص:  >  >>